للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال جابر: لم يكن أحدٌ من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذو مقدرَةٍ إلا وقفَ (١).

قال القرطبي (٢): لا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد، واختلفوا في غير ذلك.

والوقف: (تحبيس مالكٍ) بنفسه أو وكيله (مُطْلَقِ التصرف) وهو المكلف الحر الرشيد (مالَه المنتفَعَ به؛ مع بقاء عينه؛ بقطع تصرُّفِ الواقف وغيره في رقبته) أي: المال. قال الحارثي: معنى تحبيس الأصل: إمساك الذات عن أسباب التملكات مع قطع ملكه فيها.

(يُصرف رَبْعُه) أي: المال (إلى جهة بِرٍّ) هذا معنى قولهم: وَتَسْبِيلُ المنفعة. أي: إطلاق فوائد العين الموقوفة، من غلة وثمرة وغيرها للجهة المعينة.

وقوله: (تقرُّبًا إلى الله تعالى) تَبعَ فيه صاحب "المطلع" و"التنقيح"، ولعل المراد اعتبار ذلك لترتب الثواب عليه، لا لصحة الوقف، فكثير من الواقفين لا يقصد ذلك، بل منهم من يقصد قصدًا مُحَرَّمًا، كمن عليه ديون وخاف بيع عقاره فيها، كما أشار إليه في "شرح المنتهى"، أو يقال: هذا بيان أصل مشروعية الوقف.

وسُمِّي وقفًا؛ لأن العين موقوفة، وحبيسًا؛ لأن العين محبوسة.


(١) لم نقف على من رواه مسندًا. وذكره - أيضًا - ابن قدامة في المغني (٨/ ١٨٥)، وفي الوقوف للخلال (١/ ٢١٠) رقم ٥: أن يعقوب بن بختان سأل الإمام أحمد عن الوقوف، فقال: جائز، لم يزل المسلمون يفعلونه. وفي موضع آخر من الوقوف (١/ ٢١٤) أن حنبلًا قال: سئل - يعني الإمام أحمد - عن الوقوف، فقال: جائز، لم يزل المسلمون يفعلونه. فلعل كلمة "جائز" تصحفت إلى "جابر" والله أعلم.
(٢) المُفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٦٠٠).