المُقِر يملك نقل الملك في العين التي يقِرُّ بها، ومستحق الوقف لا يملك ذلك في الوقف، فلا يملك الإقرار به، ولا يملك نقل الملك في ريعه إلا بعد حصوله في يده، فلا يملك الإقرار به قبل قبضه، أو جواز بيعه، ولا يصح منه، ولو صح الإقرار بالريع قبل ملك المستحق له، لاتُّخِذ ذلك وسيلة إلى إيجاره مدة مجهولة، بأن يأخذ المستحق عوضًا من شخص عن رَيعه، أو عن رقبته، ويقر له به، فيستحقه مدة حياة المُقِرِّ، أو مدة استحقاق المُقِر، فلا يجوز اعتبار إقرار المستحق بالوقف، ولا بريعه إلا بشرط ملكه للريع. ولم أزل أُفتي بهذا قديمًا وحديثًا من غير أن أكون قد وقفتُ على كلام قاضي القضاة تاج الدين، ولا رأيتُ به كلامًا لغيره، ولكني قلتُه تفقهًا، ولا أظن من له نظر تام في الفقه يقول بخلاف ذلك، والله أعلم.
(ولو سبَّل ماءً للشُّرب، لم يجز الوضوء منه، ولا الغسل) ولا إزالة النجاسة ونحوها؛ لأنه لو لم يجب اتباع تعيينه، لم يكن له فائدة (قال في "الفروع": فشرب ماء موقوفٍ للوضوء؛ يتوجَّه عليه وأَولى).
وقال الآجري في الفرس الحبيس: لا يُعيره ولا يؤجره إلا لنفع الفرس، ولا ينبغي أن يركبه في حاجته إلا لتأديبه، وجمال للمسلمين، ورفعة لهم، أو غيظة للعدو. وسُئل عن التعليم بسهام الغزو؟ فقال: هو منفعة للمسلمين، ثم قال: أخاف أن تُكسر. ولا يجوز إخراج حُصر المسجد ونحوها لمنتظر جنازة أو غيره.
(ويجوز للأغنياء الشُّربُ من الماء الذي يُسقَى في السبيل) لأن العادة لم تجرِ بتخصيصه بالفقراء.
(ويجوز ركوب الدابة) الحبيس (لسقيها وعلفها) ونحوهما مما فيه منفعة للفرس، أو المسلمين، على ما سبق عن الآجري.