للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُجيب عن الأول: بأن خبر أبي هريرة يرويه محمد بن زياد (١)، وقد خالفه سعيدُ بن المسيب، فرواه عن أبي هريرة: "فإن غُمَّ عليكم، فَصُومُوا ثلاثينَ" (٢). وروايته أَولى؛ لإمامته واشتهار عدالته وثقته، وموافقته لرأي أبي هريرة. وقال الإسماعيلي (٣): ذِكرُ "شعبان" فيه من تفسير ابن أبي إياس، وليس هو بيوم شَكٍّ كما يأتي (٤).

(ويُجزئه) صوم يوم الثلاثين حينئذ (إن بَانَ منه) أي: مِن رمضان، بأن ثبتت رؤيته بمكان آخر؛ لأن صيامه وقع بنيَّة رمضان. قيل للقاضي: لا يصح إلا بنيَّة، ومع الشَّكِّ فيها لا يجزم بها؟ فقال: لا يمنع التردد فيها للحاجة، كالأسير، وصلاة من خمس.

(وتُصلَّى التراويحُ ليلته إذن، احتياطًا للسُّنَّة) قال أحمد: القيام قبل الصيام (٥).

(وتثبت بقية توابعه) أي: الصوم (من وجوب كفَّارة بوطء فيه ونحوه) كوجوب الإمساك على مَن لم يُبيِّتِ النية ونحوه؛ لتبعيتها للصوم (ما لم يتحقَّق أنه مِن شعبان) بأن لم يَرَ مع الصحو هِلالَ شوال


(١) تقدم تخريجه (٥/ ١٩٥)، تعليق رقم (٣).
(٢) رواه مسلم في الصيام، حديث ١٠٨٠ (١٧) وفيه: "فصوموا ثلاثين يومًا".
(٣) انظر فتح الباري (٤/ ١٢١). والإسماعيلي هو الإمام الحافظ الحجة، شيخ الإسلام، أبو بكر، أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس، الجرجاني، الشافعي. صنف: "المستخرج" على صحيح البخاري، و"مسند عمر" و"معجمه" ولم يطبع من كتبه إلا المعجم، تُوفي سنة (٣٧١ هـ) رحمه الله تعالى. انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٩٢).
(٤) (٥/ ٢٤٣).
(٥) مسائل الفضل بن زياد كما في الإنصاف (٣/ ٢٧١)، وانظر كتاب الروايتين والوجهين (١/ ٢٥٧).