للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب كفارة القتل]

الكفَّارة: مأخوذة من الكَفْر، وهو الستر؛ لأنها تُغَطِّي الذنْبَ وتستره، والأصل فيها الإجماع (١)، وسنده قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً . . .} الآية (٢)، فذكر في الآية ثلاث كفَّارات: إحداهن بقتل المسلم في دار الإسلام خطأً. الثانية بقتله في دار الحرب، وهو لا يعرف إيمانه. الثالثة بقتل المعاهد، وهو الذّمي.

(من قتل نفسًا مُحَرَّمة، أو شارك فيها، ولو نفسَه، أو قِنَّه، أو مستأمِنًا، أو معاهَدًا خطأً) للآية الكريمة (أو ما أُجري مُجْراه) لأنه أجري مُجْراه في عدم القِصاص، فكذا يجري مَجْراه في الكفَّارة (أو شِبه عمدٍ) لما سبق (أو قَتَل بسببٍ في حياته، أو بعدَ موته، كحفر بئرٍ، ونَصْبِ سكّين، وشهادة زُورٍ) و(لا) كفّارة (في قتل عَمْد محضٍ) لمفهوم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً . . .} (٢) وسواء كان موجبًا للقصاص أو غيره (ولا) كفّارة أيضًا (في قَتْل أسير حربيٍّ يمكنه أن يأتي به الإمامَ، فقتله قبلَه) أي: قبل أن يأتى به الإمام (ولا في قتل نساء حرب وذرِّيَّتهم، ولا) في قتل (من لم تبلغه الدعوة إن وُجِد) فيحرم قتله قبل الدعوة، ولا كفّارة؛ لأنه لا إيمان لهم ولا أمان (فعليه) أي: القاتل, أو المشارك في سوى ما استثني (كفَّارة كاملة في ماله، ولو كان القاتل إمامًا في خطأ يحمله بيت المال) فتجب الكفّارة في ماله لا في بيت المال (أو) كان القاتل (كافرًا) فتجب عقوبة له، كالحدود.


(١) الإجماع لابن المنذر ص/ ١٥٢.
(٢) سورة النساء، الآية: ٩٢.