للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحقوق. والعفو: المحو والتجاوز.

(الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القود، أو الدية) لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (١) أوجب الاتِّباع بمجرد العفو، ولو وجب بالعمد القِصاصُ عينًا لم تجب الدية عند العفو المطلق (فيُخير الولي بينهما) فإن شاء اقتصّ، وإن شاء أخذ الدية (ولو لم يرضَ الجاني) لقول ابن عباس: "كان في بني إسرائيلَ القِصَاصُ، ولم تكُن فيهم الدية، فأنزَلَ الله تعالى هذه الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى … } الآية ((١)) " رواه البخاري (٢). وعن أبي هريرة مرفوعًا: "مَن قُتِلَ له قَتيلٌ فهو بخيرِ النَّظَرين: إمَّا أن يُودَى، وإما أن يُقَادَ" متفق عليه (٣).

(وإن عفا مجانًا فهو أفضل) لقوله تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (٤)، وقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (٥) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر به (٦).

(ثم لا عقوبة على جانٍ؛ لأنه إنما عليه حق واحد وقد سقط) كعفوٍ عن دية قاتل خطأ.

قال الشيخ تقي الدين (٧): العدل نوعان، أحدهما: هو الغاية وهو


(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٨.
(٢) في تفسير سورة البقرة، باب ٢٣، رقم ٤٤٩٨، وفي الديات، باب ٨، رقم ٦٨٨١.
(٣) البخاري في العلم، باب ٣٩ ، حديث ١١٢، وفي اللقطة، باب ٧، حديث ٢٤٣٤، وفي الديات، باب ٨، حديث ٦٨٨٠، ومسلم في الحج، حديث ١٣٥٥.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٤٥.
(٥) سورة الشورى، الآية: ٤٠.
(٦) تقدم تخريجه ١٣/ ٢٨٩ تعليق رقم (٣).
(٧) لم نقف عليه في مظانه من كتبه المطبوعة، وانظر: المبدع (٨/ ١٩٨).