للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا: "لا يقيمُ أحدُكم أخاهُ يومَ الجمعة، ثم يخالِفُ إلى مقعدِه، ولكن ليقلْ: افسَحُوا" (١)؛ ولأن المسجد بيت الله، والناس فيه سواء.

(إلا الصغير) حرًّا، كان أو عبدًا، فيؤخر لما تقدم. قاله في "التنقيح" (وقواعد المذهب تقتضي عدم الصحة) أي صحة صلاة من أخر مكلفًا وجلس مكانه، لشبهه بالغاصب.

(إلا من جلس بموضع يحفظه له) أي لغيره (بإذنه، أو دونه) لأن النائب يقوم باختياره، قاله في "الشرح"؛ ولأنه قعد فيه لحفظه له، ولا يحصل ذلك إلا بإقامته، لكن إن جلس في مكان الإمام، أو طريق المارة، أو استقبل المصلين في مكان ضيق، أقيم، قاله أبو المعالي.

(ويكره إيثاره) غيره (بمكانه الأفضل) ويتحول إلى ما دونه (كالصف الأول ونحوه) وكيمين الإمام، لما في ذلك من الرغبة عن المكان الأفضل. وظاهره: ولو آثر به والده ونحوه.

و(لا) يكره للمؤثر (قبوله) المكان الأفضل، ولا رده. قال سندي (٢): رأيت الإمام أحمد قام له رجل من موضعه، فأبى أن يجلس فيه، وقال له: ارجع إلى موضعك فرجع إليه.

(فلو آثر) الجالس بمكان أفضل (زيدًا فسبقه إليه عمرو، حرم) على عمرو سبقه إليه؛ لأنه قام مقامه، أشبه ما لو تحجر مواتًا، ثم آثر به غيره. وهذا بخلاف ما لو وسع لرجل في طريق، فمر غيره؛ لأنها جعلت للمرور فيها، والمسجد جعل للإقامة فيه.


(١) مسلم في السلام، حديث ٢١٧٨.
(٢) طبقات الحنابلة (١/ ١٧١).