للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهين، ويكون تركه موجبًا لترك الواجب بالشرع والواجب بالنذر. هذا هو التحقيق. وهو رواية عن أحمد (١)، وقاله طائفة من العلماء (فيُكفِّرُ إن لم يَصُمْه، كحَلْفِه عليه) أي: كحَلْفِه: ليصومنَّ رمضان، فيُكفِّر إن لم يصُمْه.

(وعند الأكثر: لا) ينعقد النذر في واجب؛ لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم (كـ: لله عليّ صوم أمس، ونحوه من المحال) لأنه لا يُتصور انعقاده ولا الوفاء به، أشبه اليمين على المستحيل. قال الموفق: والصحيح من المذهب أن النذر كاليمين، وموجبه موجبها، إلا في لزوم الوفاء به إذا كان قربة وأمكنه فِعْلُه، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لأخت عُقبة، لمّا نذرت المشيَ ولم تُطِقْه، فقال: "لتكفِّر عن يمينها؛ ولْتَرْكب" (٢) وفي


(١) انظر الاختيارات الفقهية ص/ ٤٧٥.
(٢) روي هذا الحديث عن ابن عباس، وعقبة بن عامر، وأنس - رضي الله عنهم - من وجوه مختلفة.
فأخرجه أبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٣، حديث ٣٢٩٥، وأحمد (١/ ٣١٠، ٣١٥)، وأبو يعلى (٤/ ٣٣١) حديث ٢٤٤٣، وابن خزيمة (٤/ ٣٤٨) حديث ٣٠٤٧، والطحاوي (٣/ ١٣٠)، وفي شرح مشكل الآثار (٥/ ٣٩٦) حديث ٢١٤٧، وابن حبان "الإحسان" (١٠/ ٢٢٩) حديث ٤٣٨٤، والحاكم (٤/ ٣٠٢)، من طريق شريك، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت - يعني أن تحج ماشية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحج راكبة، ولتكفر عن يمينها" هذا لفظ أبي داود.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وسكت عنه الذهبي. وقال البيهقي: تفرد به شريك. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٥/ ١٣٨): سكت عنه أبو داود، والمنذري، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه - أيضًا - أبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٣، حديث ٣٢٩٦، وأحمد =