للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العامرة، سواء كانت داخل السور أو خارجه) فيقصر إذا فارقها (بما يقع عليه اسم المفارقة بنوع من البعد عرفًا) لأن الله تعالى إنما أباح القصر لمن ضرب في الأرض، وقبل مفارقته ما ذكر لا يكون ضاربًا فيها ولا مسافرًا. ولأن ذلك أحد طرفي السفر، أشبه حالة الانتهاء. ولأن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يقصر إذا ارتحل (١). وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٢).

و(لا) يعتبر مفارقة (الخراب) وإن كانت حيطانه قائمة (إن لم يله عامر) لأنه ليس بمحل إيواء (فإن وليه) أي الخراب عامر (اعتبر مفارقة الجميع) من الخراب والعامر (كما لو جعل) الخراب (مزارع وبساتين يسكنه أهله، ولو في فصل النزهة) فلا يقصر حتى يفارقه. ذكر معناه أبو المعالي. واقتصر عليه في "الفروع"؛ لأنه في حكم العامر. ولو كانت قريتان متدانيتين، واتصل بناء إحداهما بالأخرى فهما كالواحدة، وإن لم يتصل، فلكل قرية حكم نفسها.

(ولو برزوا) أي المسافرون (لمكان لقصد الاجتماع ثم بعد اجتماعهم ينشئون السفر من ذلك المكان، فلهم القصر قبل مفارقته في ظاهر كلامهم) قال في "الفروع": وهو متجه اهـ. لأنهم ابتدأوا السفر وفارقوا قريتهم قلت: إن لم ينووا الإقامة في ذلك المكان أكثر من عشرين صلاة، أو تكون العادة عدم اجتماعهم قبل ذلك (خلافًا لأبي المعالي) حيث قال: لا قصر حتى يفارقوه (ويعتبر في سكان قصور وبساتين ونحوهم) كأهل العِزَب من القصب ونحوه (مفارقة ما نسبوا إليه) بما يعد مفارقة (عرفًا) ليصيروا مسافرين لما تقدم.


(١) جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على هذا المعنى في عدة أحاديث منها: ما رواه مسلم في صلاة المسافرين، حديث ٦٩١ عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٢١.