للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودرهم، ولو كان الدرهمان والمُدَّان من نوع واحد (أو بمُدَّين) من عَجوة (أو بدرهمين) نص عليه (١)، وتُسمَّى مسألة مُدّ عَجوة ودرهم، ولو كان الدرهمان والمُدَّان من نوع؛ لما روى فضالة بن عبيد قال: "أُتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقلادة فيها خَرَزٌ وذهبٌ ابتاعها رجُلٌ بتسعة دنانير أو سبعة، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لا، حتى تميِّز ما بينهما، قال: فرَدَّهُ" رواه أبو داود (٢). وفي لفظ لمسلم: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بالذهب الذي في القلادة فنُزعَ وحده، ثم قال لهم: الذهبُ بالذهب وزْنًا بوزْنٍ" (٣).

وللأصحاب في توجيه البطلان مأخذان:

أحدهما، وهو مأخذ القاضي وأصحابه: أن الصفقة إذا جَمعت شيئين مختلفي القيمة انقسم الثمن على قَدْر قيمتهما، كما لو اشترى شِقْصًا وسيفًا، فإن الشفيع يأخذ الشِّقْص بقِسطه منه. وهذا يؤدِّي هنا: إما إلى العلم بالتفاضل، أو إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما يُبطِل العقد؛ فإنه إذا باع درهمًا ومُدًّا يساوي درهمين بمُدَّين يساويان ثلاثة دراهم، كان الدرهم في مقابلة ثُلثي مُدّ، ويبقى مُدٌّ في مقابلة مُدٍّ وثُلث؛ وذلك ربًا. فلو فُرض التساوي كمُدٍّ يساوي درهمًا ودرهم بمُدٍّ يساوي درهمًا ودرهم، لم يجز؛ لأن التقويم ظنٌّ وتخمين، فلا يتحقَّق معه المساواة،


(١) كتاب الروايتين والوجهين (١/ ٣٢١، ٣٢٣)، وانظر: مسائل عبد الله (٣/ ٩١١) رقم ١٢٢٨، ومسائل الكوسج (٦/ ٢٨٦٥) رقم (٢٠٨٥).
(٢) في البيوع والإجارات، باب ١٣، حديث ٣٣٥١. وأخرجه - أيضًا - الطيالسي ص/ ١٣٦, حديث ١٠١١، وابن أبي شيبة (٦/ ٥٥، ١٤/ ٢٥٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ١٣٣)، حديث ٢١١١، والطحاوي (٤/ ٧٢)، وفي شرح مشكل الآثار (١٥/ ٣٧٩) حديث ٦٠٩٦، والطبراني في الكبير (١٨/ ٣٠٢) حديث ٧٧٥، والبيهقي (٥/ ٢٩٣).
(٣) مسلم في المساقاة، حديث ١٥٩١.