للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قمارًا مع إدخال الفرس الثالث؛ لكونه لا يمنع معنى القمار، وهو كون كل واحد من المتسابقين لا ينفك عن كونه آخذًا أو مأخوذًا منه، وإنما دخل صورة، تحيُّلًا على إباحة المحرَّم، وسائر الحِيل مثل ذلك؛ ولأن الله تعالى إنما حرَّم المُحرَّمات؛ لمفسدتها والضرر الحاصل منها، ولا يزول ذلك مع بقاء معناها، وأما حديث خيبر المشهور، وهو: "بع الجمعَ -أي: التمر الرديء- بالدراهم، ثم اشترِ بها جيدًا" (١) فإنما أمرهم بذلك؛ لأنهم كانوا يبيعون الصاعين من الرديء بالصَّاع منَ الجيد، فعلَّمهم - صلى الله عليه وسلم - الحيلة المانعة من الربا؛ لأن القصد هنا بالذات تحصيل أحد النوعين دون الزيادة، فإن قُصدت حرمت الحيلة، جمعًا بين الأخبار. فعُلم أن كل ما قصد التوصل إليه من حيث ذاته لا من حيث كونه حرامًا جاز، وإلا حرم.


= رجال من أهل العلم، وهذا أصح عندنا.
وأبو حاتم الرازي، ففي العلل لابنه (٢/ ٢٥١) قال: هذا خطأ لم يعمل سفيان بن حسين بشيء، لا يشبه أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحسن أحواله أن يكون عن سعيد بن المسيب، قوله، وقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد قوله. وفي موضع آخر من العلل (٢/ ٣١٨)، قال: لا أعلم روى هذا الحديث غير حصين بن نمير عن سفيان بن حسين، وسعيد بن بشير، وأرى أنَّه كلام سعيد.
وشيخ الإسلام ابن تيمية قال في مجموع الفتاوى (١٨/ ٦٣): "فإن هذا معروف عن سعيد بن المسيب من قوله، هكذا رواه الثقات من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن سعيد، وغلط سفيان بن حسين فرواه عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعًا، وأهل العلم بالحديث يعرفون أن هذا ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -".
والعلامة ابن القيم، قال في الفروسية ص / ٢٢٩: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البتة، وقال: فمن له ذوق في علم الحديث لا يشك ولا يتوقف أنَّه من كلام سعيد بن المسيب، لا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(١) تقدم تخريجه (٨/ ٤٦)، تعليق رقم (١).