للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهما؛ لأن التلف حصل بتقصيره، أشبه ما لو نام وتركها سائرة بنفسها حتى صدمتها. وأما قيم الواقفة فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يوجد منه تعدٍّ ولا تفريط، أشبه النائم في الصحراء، إذا عثر به إنسان، فتلف (ويأتي إذا اصطدم نفسان في) كتاب (الديات) مفصلًا.

(وإن كانت إحداهما مُنحدِرة) والأخرى مُصعِدة (فعلى صاحبها) أي: المنحدرة (ضمان المُصْعِدة) لأن المنحدرة تنحط على المصعدة من عُلْوٍ، فيكون ذلك سببًا لغرقها، ولا ضمان على قَيِّم المُصْعِدة، تنزيلًا للمُنحدرة منزلة السائرة، وللمُصعدة منزلة الواقفة (إلا أن يكون) قَيِّم المُنحدِرة (غلبه الريح) أو نحوه عن ضبطها (أو) إلا أن يكون (الماءُ شديد) اً وفي نسخة: الشديد (الجِرْيَة، فلم يقدر على ضبطها) فلا ضمان عليه؛ لأنه لا يدخل في وسعه، ولا يكلِّفُ الله نفسًا إلا وسعها؛ ولأن التلف يمكن استناده إلى الريح، أو شدة جريان الماء.

قال الحارثي: وسواء فرَّط المُصْعِد في هذه الحالة، أو لا، على ما صَرَّح به في "الكافي", وأطلقه الأصحاب وأحمد (١). وقال في "المغني": إن فرط المُصْعِد بأن أمكنه العدول بسفينته، والمُنحدِر غير قادر ولا مفرِّط، فالضمان على المصعِد؛ لأنه المفرّط. قال الحارثي: وهذا صريح في أن المصعِد يؤاخذ بتفريطه.

(ولو أشرفت السفينة على الغرق، فـ)ــالواجب (على الركبان إلقاء بعض الأمتعة، حسب الحاجة) أي: يجب إلقاء ما تظن به النجاة من المتاع - ولو كله - دفعًا لأعظم المفسدتين بأخفِّهما؛ لأن حرمة الحيوان أعظم من حُرمة المتاع (ويحرم إلقاء الدواب) المحترمة (حيث أمكن


(١) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير (١٥/ ٢٤٥).