للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السفر بها لعذر، كجلاء أهل البلد، أو هجوم عدو، أو حرق، أو غرق، فلا ضمان) عليه إذا سافر بها وتلفت؛ لأنه موضع حاجة، فإن تركها إذًا وتلفت، فمقتضى ما صححه في "الإنصاف": يضمن حيث ترك الأصلح.

(ولو أودع) ربُّ وديعة (مسافرًا، فسافر) أي: سافر المستودع (بها، وتلفت بالسفر، فلا ضمان عليه) لأن إيداع المالك في هذه الحالة يقتضي الإذن في السفر بالوديعة (فإن هجم قُطَّاع الطريق عليه) أي: على المسافر بوديعة حيث جاز له السفر بها (فألقى المتاع) المودَع (إخفاءً له، وضاع، فلا ضمان عليه) لأن هذا عادة الناس في حفظ أموالهم.

(فإن خاف) المستودَعُ (المقيمُ عليها) أي: الوديعة (إذا سافر بها، ولم يجد) المستودَع (مالكها) ولا من يحفظ ماله عادة (ولا وكيله) في قبضها (دفَعها) المستودَع (إلى الحاكم) المأمون؛ لأن في السفر بها غررًا؛ لأنه عُرضة للنهب وغيره؛ ولأن الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته. وظاهره: أنه إذا أودعها مع قدرته على الحاكم أنه يضمنها.

(فإن تعذَّر ذلك) أي: دفعها إلى الحاكم المأمون (أودعها) المستودَع (ثقةً) لفعله - صلى الله عليه وسلم - "لمَّا أرادَ أنْ يُهاجِر، أوْدَعَ الودائعَ التي كانت عندهُ لأمِّ أيمنَ، وأمَرَ عليًّا رضي الله عنهما أن يَرُدَّها إلى أهلِها" (١) (أو


(١) لم نقف على من أخرجه بهذا السياق، وقد أخرج الطبري في تاريخه (٢/ ٣٧٨)، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن التيمي، والبيهقي (٦/ ٢٨٩)، عن طريق محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، كلاهما، من عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها -، بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عليًّا أن يتخلف عنه بمكة، حتى يؤدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الودائع التي كانت عنده للناس. دون ذكر "أنه أودع الودائع التي عنده لأم أيمن". =