للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَرِيرةَ جاءتْ تستعينها في كتابَتها، ولم تكن قضت من كِتابَتها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجِعِي إلى أهلكِ، فإن أحبوا أن أقضي عنكِ كتابتك، ويكون ولاؤكِ لي، فعلتُ ذلك. فذكرت ذلك بَرِيرة لأهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك، فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابتاعِي وأعتِقي، فإنما الولاء لمن أعتق" متفق عليه (١).

قال ابن المنذر (٢): بيعت بريرة بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مكاتبة، ولم ينكر ذلك، ولا وجه لمن أنكره، ولا أعلم خبرا يعارضه، ولا أعلم في شيء من الأخبار ما دَلَّ على عجزها. وتأوله الشافعي (٣) على أنها كانت قد عَجَزَت، وليس في الخبر ما يدلُّ عليه، بل قولها: "أعينيني" دَلَّ على بقائها على الكتابة.

(و) تجوز (هبته، والوصية به) كالبيع (وولده التابع له) في كتابته كهو، فيصح بيعه، وهبته، والوصية به، مع المكاتَب لا منفردا؛ لأنه عبد له كأصله، ولذلك صح عتقه له، بخلاف ذوي رَحِم المُكاتَب المحرم؛ لأنهم ليسوا عبيدًا لسيده (وتقدم في الهبة (٤)) أنه تصح هبة المكاتَب (و) تقدم في باب (الموصى إليه (٥)) يعني له: أنه تصح الوصية بالمُكاتَب.

(ومن انتقل إليه) المُكاتَب ببيع، أو هبة، أو وصية، ونحوها (يقوم


(١) تقدم تخريجه (٥/ ١٤٣) تعليق رقم (١).
(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم (١/ ٣٤٠ - ٣٤١).
(٣) الأم (٤/ ١٢٦).
(٤) انظر: (١٠/ ١٢٧).
(٥) (١٠/ ٢٧٩) في باب الموصى به.