للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(كلهن، أو) تهبه (له) أي: للزوج (فيجعله لمن يشاء (١) منهن، ولو أبتِ الموهوبُ لها) ذلك؛ لأن الحق في ذلك للواهبة والزوج، فإذا رضيت هي والزوج؛ جاز؛ لأن الحق لا يخرج عنهما، وحق الزوج في الاستمتاع ثابت في كل وقت على كل واحدة منهن، وإنما منعته المزاحمة في حق صاحبتها، فإذا زالت المزاحمة بهبتها، ثبت حقُّه في الاستمتاع بها وإنْ كرهت، كما لو كانت منفردة، وقد ثبت أن سَوْدة وهبت يومها لعائشة: "فكان رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ لعائشةَ يومها ويومَ سودةَ" متفق عليه (٢).

(ولا يجوز هِبَةُ ذلك بمالٍ) لأن حقَّها في كون الزوج عندها، وليس ذلك يقابَل بمال (فإن أخذت) الواهبةُ (عليه مالًا؛ لزمها ردُّه) إلى من أخذته منه (وعليه) أي: الزوج (أن يقضي لها) زمن هبتها (لأنها تركته بشرط العوض، ولم يُسلَّم) العوض (لها) فترجع بالمعوض.

(فإن كان عوضها غيرَ المال، كإرضاء زوجها عنها أو غيره؛ جاز) لأن عائِشَة أرضَتْ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن صفيَّةَ فأخذَتْ يومها، وأخبرت بذلك رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم يُنكِرهُ (٣).


(١) في "ح" و"ذ" ومتن الإقناع (٣/ ٤٣٤): "شاء".
(٢) البخاري في النكاح، باب ٩٨، حديث ٥٢١٢، ومسلم في الرضاع، حديث ١٤٦٣ عن عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه النسائي في الكبرى (٥/ ٣٠٠) حديث ٨٩٣٣، وابن ماجه في النكاح، باب ٤٨، حديث ١٩٧٣، وإسحاق بن راهويه (٣/ ٧٨٠) حديث ١٤٠٩، وأحمد (٦/ ٩٥، ١٤٥)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٧٠) حديث ٢١٨٧، وفي الأوسط (٣/ ٢٨٩) حديث ٢٦٢٩، والمزي في تهذيب الكمال (٣٥/ ١٩٩)، عن سمية البصرية، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدَ على صفية بنت حُيي في شيء؛ فقالت صفية: يا عائشة، هل لك أن تُرضي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عني ولك يومي؟ =