لم يمكن القصاص إلا به لم يجز فعله (وأما الأمن من الحَيف فشرطٌ لجواز الاستيفاء) مع أنه في نفس الأمر واجب، إذ لا مانع منه لوجود شرطه، وهو العدوان على من يكافئه عمدًا مع المساواة في الاسم والصحة والكمال، لكن الاستيفاء غير ممكن لخوف العدوان على الجاني.
وفائدة ذلك: أنا إذا قلنا: إنّه شرط للوجوب، تعيَّنت الدية إذا لم يوجد الشرط، وإن قلنا: إنه شرط للاستيفاء دون الوجوب، انبنى على أصل، وهو أن الواجب ماذا؟ فإن قلنا: القِصاصُ عينًا، لم يجب بذلك شيء، إلا أن المجنى عليه إذا عفا يكون قد عفا عمن يحصُل له ثوابه، وإن قلنا: موجب العمد أحد شيئين، انتقل الوجوب إلى الدية كغيره.
وإمكان الاستيفاء بلا حيف (بأن يكون القطع من مَفْصِل) لأن المماثلة في غير ذلك غير ممكنة، ولا يؤمن أن يستوفي أكثر من الحق.
(أو) يكون القطع (له حدٌّ ينتهي) القطع (إليه، كَمَارِن الأنف، وهو ما لانَ منه، والذي يجب فيه القصاص أو الدية دون القصبة) لأن لذلك حدًّا إليه، أشبه اليد.
(فإن قَطَع القصبة) أي: قصبة الأنف (أو قَطَع من نصف كلٍّ من الساعد، أو الكف، أو الساق، أو العضد، أو الورك، أو قطع يده من الكوع ثم تآكلت إلى نصف الذراع، فلا قصاص، وله الدية) لخبر: "أنَّ رجلًا ضرب رجلًا على ساعده بالسيف فقطعها من غير مَفْصِلٍ، فاستَعْدَى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بالدية، فقال: إنّي أريد القِصاص. قال: خُذِ الدية بارك الله لك فيها" رواه ابن ماجه (١)؛ ولأن القطع ليس من مفصل، فلا
(١) في الديات، باب ٩، حديث ٢٦٣٦. وأخرجه -أيضًا- البزار (٩/ ٢٥١) حديث =