للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فإن قصدوه) بالرمي (أو قصدوا جماعةً) قليلة (فهو شِبه عمدٍ) لأنهم قصدوا الجناية بما لا يقتل غالبًا (لأن قَصْدَ واحد) ومن في معناه (بالمنجنيق لا يكاد يُفضي إلى إتلافه) هذا مقتضى ما ذكر في "الإنصاف" أنه المذهب، وعليه الأصحاب. قال: واختار في "الرعاية" أن ذلك عمدٌ إن كان الغالب الإصابة. قلت: إن قصدوا رميه، كان عمدًا وإلا؛ فلا. انتهى. وعليه مشى في "المنتهى".

(وإن لم يقصدوا) أي: رُماة المنجَنيق (قَتْلَ آدمي) فأصاب آدميًّا فقتله (فهو خطأ) لعدم القصد.

(فإن كانوا) أي: الرُّماة (أكثرَ من ثلاثة، فالدية حالَّةٌ في أموالهم) لأن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث، والتأجيل فى الديات إنما هو فيما تحمله العاقلة.

(وإن قتل) الحجرُ (أحدَهم) أي: أحد الثلاثة الرماة بالمنجَنيق، فعلى كلِّ واحد كفَّارة كما لو شارك في قتل غيره، و(سقط فِعْلُ نفسه وما يترتَّب عليه) من وجوب ثلث الدية (وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدِّية) كما لو مات من جراحتهما وجراحة نفسه، وكما لو شارك في قَتْلِ بهيمة؛ ولأنه شارك في القتل، فلا تكمل الدية على شريكيه، كما لو قتلوا واحدًا غيرهم. وقد رُوي نحوه عن علي، قال الشعبي: "وذلك أن ثلاثَ جَوارٍ اجتمعْنَ، فركبتْ إحداهنَّ على عنقِ أُخرى، وقرصت الثالثةُ المركوبةَ فقمِصَتْ، فسقطت الرَّاكبةُ فوُقِصتْ عنقُها فماتتْ، فرُفعَ ذلك إلى عليٍّ، فقضى بالدية أثلاثًا على عواقلهنَّ، وألغي الثُّلثَ الذي قابل فِعْل الواقصة؛ لأنها أعانت على قتلِ نفسِها" (١)، وهذه تشبه مسألتنا.


(١) أخرجه الشافعي في الأم (٧/ ١٧٧)، وأبو عبيد في غريب الحديث (١/ ٩٦)، =