للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هريرة: فَمِنَّا الضارِب بنعلِهِ والضَّارب بثَوبه" رواه أبو داود (١).

(ولا يُمَدُّ المَحْدُودُ، ولا يُرْبطُ، ولا تُشدُّ يدُه، ولا يُجَرَّدُ) من ثيابه؛ لقول ابن مسعود: ليس في ديننا مَدٌّ، ولا قَيْدٌ، ولا تجريد (٢) (بل يكون عليه غيرُ ثيابِ الشتاء، كالقميص والقميصين) صيانة له عن التجريد، مع أن ذلك لا يردُّ ألمَ الضرب. ولا يضرُّ بقاؤهما عليه.

(وإن كان عليه فَرْوٌ، أو جُبَّةٌ محشوَّةٌ؛ نُزِعت) لأنه لو ترك عليه ذلك لم يُبالِ بالضرب.

(ولا يُبالَغُ في ضَرْبه بحيثُ يشقُّ الجِلْد) لأن الغرض تأديبه وزجره عن المعصية، لا قتله، والمبالغة تؤدي إلى ذلك.

(ولا يُبدي) الضارب (إبْطه في رفع يده) أي: لا يرفع يده بحيث يظهر إبْطه؛ لأن ذلك مبالغة في الضرب.

(ويُسنُّ تفريقُ الضَّرْب على أعضائِه) أي: المحدود (وجَسَدِه، فلا يُوالي) الضرب (في موضع واحدٍ) ليأخذ كل عضو منه حظَّه، و (لئلا يشقَّ الجِلْد) أو يؤدّي إلى القتل (فإن فعل) أي: والَى الضرب في موضع واحد (أجزأ) ذلك؛ لحصول المقصود (ويُكْثِرُ منه) أي: الضرب (في مواضع اللحم كالألْيتين والفخذين) لأنها أشدّ تحملًا.


(١) في الحدود، باب ٣٦، حديث ٤٤٧٧. وأخرجه - أيضًا - البخاري في الحدود، باب ٤ - ٥، حديث ٦٧٧٧، ٦٧٨١.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٧/ ٣٧٣) رقم ١٣٥٢٢، والبيهقي (٨/ ٣٢٦)، من طريق الثوري، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، بلفظ: لا يحل في هذه الأمة تجريد ولا مد ولا غل ولا صفد.
قال ابن كثير في الإرشاد (٢/ ٣٦٢): هلا منقطع، وجويبر: هو ابن سعيد، ضعيف، إلا أنه يقوى برواية الثوري في جامعه عنه.