للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لم يتصل سنده، على أيَّ وجهٍ كان الانقطاع (مما له تعلُّق بالأحكام خاصَّة) وظاهره: أنه لا يجب عليه حفظ القرآن، وإنما المتعيّن عليه حِفْظ نحو خمسمائة [آية] (١) المتعلقة بالأحكام، كما نقله المُعْظَمُ؛ لأن المجتهد هو من يعرف الصوابَ بدليله، كالمجتهد في القِبلة. ولكلِّ مما ذكرنا دلالة لا يمكن معرفتها إلا بمعرفته، فوجب معرفة ذلك لتعرف دلالته، وتوقف الاجتهاد على معرفة ذلك.

(ويعرف ما أُجمع عليه مما اختلف فيه) لئلا يؤديَه اجتهاده إلى قول يخرج عن الإجماع، أو أقوال السلف.

(و) يعرف (القياسَ) وهو ردُّ فرعِ إلى أصل (و) يعرف (حدودَه) أي: القياس، على ما ذكر في أصول الفقه (وشروطَه) وبعضُها يرجع إلى الأصل، وبعضُها إلى الفرع، وبعضُها إلى العِلَّة (وكيفيه استنباطه) على الكيفية المذكورة في محالِّها.

(و) يعرف (العربية) أي: اللغةَ العربية، من حيث اختصاصُها بأحوالٍ -هي الإعراب- لا توجد في غيرها من اللغات (المتداولة بالحجاز والشام والعراق، وما يواليهم) ليعرف به استنباطَ الأحكام من أصناف علوم الكتاب والسُّنة.

(وكلُّ ذلكَ مذكورٌ في أصول الفقه وفروعه، فمن عرف ذلك أو أكثره، ورُزق فهمه؛ صَلَحَ للفتيا والقضاء) لأن العالم بذلك يتمكَّن من التصرف في العلوم الشرعية ووضعها في مواضعها. قال أبو محمد الجوزي: من حصَّل أصول الفقه وفروعه فمجتهدٌ، ولا يقلِّد أحدًا.


(١) ما بين المعقوفين من "ذ".