أي: المُدَّعِي (بينةٌ حاضرةٌ، وثبت الحقُّ عنده) أي: القَاضي (كتب به) أي: بما ثبت عنده (إلى خليفته) كما يكتب لغيره (ولم يُحْضِرْه) أي: الغائب؛ لعدم الفائدة في إحضاره إذًا.
(وإن لم يكن له) أي: القاضي (فيه) أي: في البلد الذي به الغائب (خليفةٌ، وكان فيه من يصلُحُ للقضاء، أَذِنَ له في الحكم بينهما) فيكون نائبًا عنه في تلك القضية.
(وإن لم يكن فيه من يصلح) للقضاء (كَتَب) القاضي (إلى ثقاتٍ من أهل ذلك الموضع، ليتوسَّطُوا بينهما) لأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة، مع عدم المشقَّة الحاصلة بالإحضار.
(فإن لم يقبَلا) أي: الخصمان (الوساطةَ) أو تعذَّر من يتوسَّط بينهما (قيل) أي: قال القاضي (له) أي: المُدَّعِي: (حرِّرْ دعواكَ، فإذا تحرَّرتْ) دعواه (أحضر خصْمَه، ولو بَعُدت المسافةُ) لأنه لا بُدَّ من فَصْلِ الخصومة، وقد تعين بذلك.
(ولو ادعى قبله شهادة، لم تُسمع دعواه، ولم يُعْدِ عليه، ولم يحلف) إذا أنكر؛ خلافًا للشيخ تقي الدين، وقال: لو قال: أنا أعلمها ولا أؤديها، فظاهر، ولو نَكَلَ، لزمه ما ادَّعى به إن قيل: ضمانها موجب لِضَمان ما تلف، ولا يبعد، كما يضمن من ترك الإطعام الواجب، وكونه لا يحصُل المقصود لفِسْقِه وكتمانه؛ لا ينفي ضمانه في نفس الأمر. واحتج القاضي بالأول على أن الشهادة ليست حقًّا على الشاهد؛ ذكره في "الفروع".