وقد جَزَم المصنّف فيما تقدَّم (١) أنهما يتناصفانها، تبعًا لما قدَّمه في "المحرر"، و"الرعايتين"، و"الحاوي"، وهو مقتضى قوله الآتي:"وكانا كمَن لا بينة لهما"(أو) كانت العين (بيد ثالث، ولم ينازع) فيقرَع بينهما (وكانا كمَن لا بينة لهما، فيسقطان) أي: البينتان (بالتعارض) وهو التساوي من كلِّ وَجْهٍ.
(وإن ادَّعى أحدُهما أنه اشتراها من زيدٍ، وهي ملكه، وشَهِدت) له (البينةُ بذلك؛ سُمعت) الشهادة. (وإن لم تقل) البينة: (وهي ملكه؛ لم تُسمع) شهادتها؛ لأنه قد يبيع ملكه وملك غيره (وادَّعى الآخر أنه اشتراها من عَمرو، وهي ملكه) وأقام بينةً بذلك (تعارضتا) جواب: "وإن ادَّعى" وقوله: "سُمعت" وما بعده، اعتراض (حتى ولو أُرِّخَا) قاله في "التنقيح"، وفيه رد على "الإنصاف" حيث قال: مراده إنْ لم يؤرّخا. قال في "الفروع": ثم إن كانت العين في أيديهما تحالفا وتناصفاها. وإن كانت في يَدِ ثالث لم ينازع، أقرع بينهما، فمن قرع صاحبه حلف وأخذها (وإن كانت في يَدِ أحدهما، فهي للخارج) لتقديم بينته على بينة الداخل.
(ولو أقام رَجُلٌ بينةً أن هذه الدار لأبي، خلّفها تَرِكة، وأقامت امرأته بينةً إن أباه أصدقها إياها، فهي). أي: الدار (للمرأة، داخلة كانت أو خارجة) لأن بينتها شهدت بالسبب المقتضي لنقل المِلك، كبينة ملك على بينة يَدٍ.
"فائدة": قال الغَزّي: إذا تعارض المُسْقِط والموجِب، جعل المسقط آخرًا، كما لو ادَّعى على رجل مالًا أو عينًا، فقال المُدَّعَى عليه: إنك أقررت أن لا دعوى ولا خصومة لك عليَّ، وقامت بذلك بينةٌ،