للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لعله أراد من حيث كونه وسطًا، فيكون الحكم للوسط لا له بخصوصه. وقال في "الشرح": وما ذكرنا من الخبر أي: أنه - صلى الله عليه وسلم - "اغتسلَ هو وعائشةُ من إناءٍ واحدٍ، تختلف أيديهما فيه، كلُّ واحدٍ يقول لصاحبه: أبقِ لي" (١) فظاهر حال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يمنع من اعتباره بالخل، لسرعة نفوذه وسرايته، فيؤثر قليله في الماء؛ والحديث دل على العفو عن اليسير مطلقًا. فينبغي أن يرجع في ذلك إلى العرف، فما عد كثيرًا منع وإلا فلا. وإن شك في كثرته لم يمنع، عملًا بالأصل.

(أو كانا) أي: المخلوطان (مستعملين فبلغا) بالخلط (قلتين) فهما باقيان على الاستعمال خلافًا لابن عبدوس.

(أو غير) الطاهر المخالط للطهور، وظاهر كلامه ولو مستعملًا (أحد أوصافه) بأن غير (لونه، أو طعمه، أو ريحه، أو) غير (كثيرًا من صفة) من صفاته، كلونه، أو طعمه، أو ريحه، فيسلبه الطهورية لأنه ليس بماء مطلق، ولأن الكثير بمنزلة الكل فأشبه ما لو غير كل الصفة.

و (لا) يسلبه الطهورية إن غير الطاهر المخالط (يسيرًا منها) أي: من صفة من صفاته (ولو) كان التغيير اليسير من صفة (في غير الرائحة) كالطعم، أو اللون، لما روت أم هانئ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "اغتسلَ من قصعة فيها أثرُ العجين" رواه أحمد وغيره (٢). وعلم من كلامه أنه لو كان التغير اليسير من صفاته الثلاث


(١) رواه البخاري في الغسل، باب ٩، حديث ٢٦١، ومسلم في الحيض، حديث ٣٢١.
(٢) أحمد (٦/ ٣٤٢)، والنسائي في الطهارة، باب ١٤٩، حديث ٢٤٠، وابن ماجه في الطهارة وسننها، باب ٣٥، حديث ٣٧٨، وابن خزيمة (١/ ١١٩)، وابن حبان "الإحسان" (٤/ ٥٢)، حديث ١٢٤٥، والبيهقي في "السنن": (١/ ٧).