للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه، وهما ضدان ومتقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة، لجأ إلى من لا ضد له، وهو الله، أظهر العجز، والانقطاع، وفزع منه إليه، فاستعاذ به منه.

قال ابن عقيل: لا ينبغي أن يقول في دعائه: أعوذ بك منك، إذ حاصله أعوذ بالله من الله. وفيه نظر، إذ هو ثابت في الخبر.

(لا نحصي ثناء عليك) أي لا نحصي نعمك، والثناء بها عليك، ولا نبلغه ولا نطيقه، ولا تنتهي (١) غايته. والإحصاء: العد والضبط والحفظ. قال تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} (٢) أي تطيقوه.

(أنت كما أثنيت على نفسك) اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، ورد إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلًا، كما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته؛ لا نهاية للثناء عليه؛ لأنه تابع للمثنى عليه.

روى علي أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" رواه الخمسة (٣) ورواته ثقات.


(١) في "ح" و"ذ": "ننتهي".
(٢) سورة المزمل، الآية: ٢٠.
(٣) أبو داود في الصلاة, باب ٣٤٠، حديث ١٤٢٧، والترمذي في الدعاء، باب ١١٣، حديث ٣٥٦٦، والنسائي في قيام الليل، باب ٥١، حديث ١٧٤٦، وابن ماجه في الإقامة، باب ١١٧، حديث ١١٧٩، وأحمد (١/ ٩٦، ١١٨). ورواه - أيضًا - البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ١٩٥ - ١٩٦)، والطيالسي ص/ ١٩ حديث ١٢٣، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٠٠، ٣٠٦، ١٠/ ٣٨٦), وعبد بن حميد (١/ ١٣١) حديث ٨١، والمروزي في صلاة الوتر ص/ ١٨٦ حديث ٣٨٥، وأبو يعلى (١/ ٣٢٧) حديث ٢٧٥، والطبراني في الدعاء (٢/ ١١٤٢) حديث ٧٥١، =