التفريق بين الرطبة والمائعة (وعنه: لا ينجس) الكثير ببول الآدمي ولا عذرته إن لم يتغير (وعليه جماهير) الأصحاب (المتأخرين، وهو المذهب عندهم) اختارها أبو الخطاب، وابن عقيل، وقدمها السامري، وفي "المحرر"(١) وغيرهم لخبر القلتين. ولأن نجاسة الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب، وهو لا ينجس القلتين، فهذا أولى. وخبر أبي هريرة "لا يبُولنَّ أحَدُكم في الماءِ الدائم" إلى آخره لابد من تخصيصه، فتخصيصه بخبر القلتين أولى، وعلم منه أن ما يشق نزحه كمصانع طريق مكة لا ينجس بالبول ولا بغيره حتى يتغير.
(وإذا انضم حسب الإمكان) بفتح الحاء والسين (عرفًا، ولو لم يتصل الصب، إلى ماء نجس، ماء طهور كثير) طهره أي: صيره طهورًا؛ لأن الكثير يدفع النجاسة عن نفسه وعما اتصل به، ولا ينجس إلا بالتغير. وعلم منه أنه لا يطهر بإضافة يسير ولو زال به التغير؛ لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه، فكذا عن غيره، خلافًا لصاحب "المستوعب".
(أو جرى إليه) أي: إلى الماء النجس ماء طهور كثير (من ساقية أو نبع) بفتح الباء أي: الماء الطهور (فيه) أى: في الماء المتنجس (طهره أي: صار) المتنجس (طهورًا إن لم يبق فيه تغير) قليلًا كان أو كثيرًا (إن كان متنجسًا بغير بول آدمي أو عذرته) لأن المتصل يدفع تلك النجاسة عن نفسه فدفعها عن غيره. فإن كان متغيرًا لم يطهر حتى يزول تغيره.
(وإن كان) تنجس (بأحدهما) أي: ببول الآدمي أو عذرته (ولم يتغير) بأن لم يشق نزحه (فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه) بناء على قول أكثر المتقدمين والمتوسطين. وأما على قول المتأخرين، فظاهر مما تقدم.
(وإن تغير) الماء ببول الآدمي أو عذرته (وكان مما يشق نزحه فتطهيره