للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسكونها - وقد يطلق على كل حيوان مفترس كما هنا (ونحوه، كنار، أو غريم ظالم) فله أن يصلي كما تقدم، لوجود الخوف؛ فإن كان الهرب محرمًا، لم يصل صلاة خوف؛ لأنها رخصة فلا تناط بمعصية.

(أو خاف على نفسه، أو أهله، أو ماله) من شيء مما سبق إن ترك الصلاة على هيأتها في شدة الخوف، فإن له أن يصلي صلاة شدة الخوف، لدخول ذلك كله في عموم قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ} (١).

(أو ذب) أي دفع (عنه) أي عما ذكر من نفسه أو ماله أو أهله (أو) ذب (عن غيره) أي له أن يصلي صلاة الخائف من أجل درء الصائل على نفسه، أو أهله، أو ماله، أو نفس غيره؛ لأن قتال الصائل على ذلك إما واجب، أو مباح، وكلاهما مبيح للصلاة على هذه الهيئة.

(أو طلب عدوًا يخاف فوته) روى عن شرحبيل بن حسنة (٢)، وقاله الأوزاعي (٣). لقول عبد الله بن أنيس: "بعثني النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهذلي, وقال: اذهب فاقتله، فرأيته، وقد حضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخِّر الصلاة، فانطلقتُ وأنا أصلِّي أومئُ نحوه إيماءً" رواه أبو داود (٤). وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، أو كان قد علم


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٩.
(٢) هكذا في الأصول "شرحبيل بن حسنه" ولعل الصواب: "شرحبيل بن السِمْط". انظر صحيح البخاري مع الفتح كتاب الخوف، باب ٥. (٢/ ٤٣٦).
(٣) مسائل عبد الله (٢/ ٤٤٥) رقم ٦٣٠، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (٢/ ٥٤٣، ٥٤٤).
(٤) في الصلاة، باب ٢٨٩، حديث ١٢٤٩. ورواه - أيضًا - ابن هشام في السيرة (٢/ ٦١٩ - ٦٢٠)، وأحمد (٣/ ٤٩٦)، وأبو يعلى (٢/ ٢٠١) حديث ٩٠٥, وابن خزيمة (٢/ ٩١، ٩٢) حديث ٩٨٢، ٩٨٣، وابن حبان "الإحسان" (١٦/ ١١٤) حديث ٧١٦٠، وأبو نعيم في دلائل النبوة (٣/ ٦٦٤) رقم ٤٤٥، والبيهقي (٣/ ٢٥٦)، وفي دلائل النبوة (٤/ ٤٢). وحسن إسناده الحافظ في الفتح (٢/ ٤٣٧).