قال ابن نصر الله: في تسمية ما هنا يقينًا بعد ورود الشك عليه نظر. نعم كان يقينًا ثم صار الآن شكًا. فاعتبرت صفته السابقة، وقدمت على صفته اللاحقة للأحاديث الصحيحة في ذلك، استصحابًا للأصل السابق، لما قارنه من اليقين، وتقديمًا له على الوصف اللاحق، لنزوله عن درجته.
(ولو) كان ذلك الشك (في غير صلاة)؛ لما تقدم من حديث مسلم عن أبي هريرة.
(فإن تيقنهما) أي: تيقن الطهارة والحدث، أي: تيقن أنه مرة كان متطهرًا ومرة كان محدثًا، وكان ذلك وقت الظهر مثلًا، (وجهل أسبقهما) بأن لم يدر هل اتصافه بالطهارة سابق على اتصافه بالحدث، أو بالعكس، (فهو على ضد حاله قبلهما) إن علم حاله قبلهما، فإن كان قبل الزوال في المثال محدثًا فهو الآن متطهر؛ لأنه تيقن أنه انتقل عن هذا الحدث إلى الطهارة، ولم يتيقن زوالها، والحدث المتيقن قبل الزوال يحتمل أن يكون قبل الطهارة ويحتمل أنه بعدها، فوجوده بعد هذا مشكوك فيه، فلا يزول عن طهارة متيقنة بشك. وإن كان قبل الزوال متطهرًا فهو الآن محدث، لما ذكرنا في الطرف الآخر.
(فإن جهل حاله قبلهما) بأن لم يدر: هل كان قبل الزوال متطهرًا أو محدثًا (تطهر) وجوبًا، إذا أراد الصلاة ونحوها، لوجود يقين الحدث في أحد (١) مرتين، والأصل بقاؤه؛ لأن وجود يقين الطهارة في المرة الأخرى مشكوك فيه، هل كان قبل الحدث أو بعده، فلا يرتفع يقين الحدث بالشك في رافعه. ولأنه لا بد من طهارة متيقنة أو مستصحبة. وليس هنا شيء من ذلك، فوجب الوضوء.
(وإن تيقن فعلهما، رفعًا لحدث، ونقضًا لطهارة)، بأن تيقن أنه تطهر