فإن قيل: إنه ورد غير مقدَّر؟ فجوابه: أن السنة بيَّنته وقدَّرته، كالزكاة. وفارقت الكتابة في ذلك سائر العقود؛ لأن القصد بها رفق المكاتب، بخلاف غيرها.
فـ (ـإن شاء) السيد (وَضعه) أي: الربع (عنه) أي: المُكاتَب (من أول الكتابة) أي: من أول أنجمها (أو) وضَعه عنه (من أثنائها. وإن شاء قبضه) أي: الربع منه (ثم دفعه إليه) لأن الله تعالى نصَّ على الدفع إليه، فنبَّه به على الوضع؛ لكونه أنفع من الدفع؛ لتحقق النفع به في الكتابة (والوضع عنه أفضل) من الدفع إليه بعد؛ لما تقدم من أنَّه أنفع.
(وإن مات السيد قبل الإيتاء) لربع مال الكتابة بعد أدائه (فهو) أي: الربع (دين في تَرِكته) يحاصص به غرماءه؛ لأنه حق لآدمي؛ فلم يسقط بالموت، كسائر الحقوق.
(فإن أعطاه) أي: الربع للمُكاتب (السيد من جنس مال الكتابة) من غيره (لزمه) أي: المُكاتَب (قَبوله) لأنه لا فرق في المعنى بين الإيتاء من عينه والإيتاء من غيره من جنسه، فوجب أن يتساويا في الإجزاء، كالزكاة، وغير المنصوص إذا كان في معناه أُلحق به، لكن الأولى أن يؤتيه من عينه.
(وإن أعطاه) أي: السيد (من غير جنسها، مثل أن يُكاتبه على دراهم، فيعطيه دنانير، أو) يعطيه (عُروضًا؛ لم يلزمه) أي: المُكاتَب (قَبوله) لأنه لم يؤته من مال الكتابة ولا جنسه.
(وإن أدَّى) المُكاتَب (ثلاثة أرباع المال، وعجز عن الربع، لم يعتق، وللسيد فسخها) أي: الكتابة؛ لحديث عَمرو بن شُعيب، عن أَبيه، عن جده مرفوعًا: "المُكاتَب عبدٌ ما بقيَ عليه