للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الرعاية الكبرى"، و"الفروع"، وقيل: نُسِخ؛ جزم به في "الفصول"، و"المستوعب"؛ قاله في "الإنصاف".

(وأن يُخيِّر) - صلى الله عليه وسلم - (نساءه) رضي الله عنهنَّ (بين فراقه) طلبًا للدنيا (والإقامة معه) طلبًا للآخرة، أي: وجب عليه ذلك؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (١) الآيتين؛ ولئلا يكون مُكرهًا لهنّ على الصبر على ما آثره لنفسه من الفقر، وهذا لا يُنافي أنَّه تعوَّذ من الفقر؛ لأنه في الحقيقة إنما تعوَّذ من فتنته، كما تعوَّذ من فتنة الغنى، أو تعوَّذ من فقر القلب، بدليل قوله: "ليس الغِني بكثرة العَرَض، وإنما الغِني غَني النفس" (٢)، وخَيَّرهُنِّ (٣)، وبدأ منهن بعائشة (٤)، فاخترن المقام.

(وإنكار المنكَر إذا رآه على كل حال) فلا يسقط عنه بالخوف؛ لأن الله وعده بالعصمة، بخلاف غيره، ولا؛ إذا كان المرتكِبُ يزيده الإنكارُ إغراءً؛ لثلا يَتَوهَّمَ إباحته، بخلاف سائر الأمة؛ ذكره السمعاني في "القواطع" (٥).

(والمشاورة في الأمر مع أهله وأصحابه) ذوي الأحلام؛ لقوله


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٢٨.
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق، باب ١٥، حديث ٦٤٤٦، ومسلم في الزكاة، حديث ١٠٥١، عن أبي هريرة رضي الله عنه، بلفظ: ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغني غني النفس.
(٣) أخرج البخاري في الطلاق، باب ٥، حديث ٥٢٦٢، ٥٢٦٣، ومسلم في الطلاق، حديث ١٤٤٧، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خيَّرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد ذلك علينا شيئًا.
(٤) أخرجه مسلم في الطلاق، حديث ١٤٧٨، عن جابر رضي الله عنه في حديث طويل.
(٥) قواطع الأدلة (٢/ ١٩٨).