للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُكاتبة والمراسلة في الإفهام. وقال أبو الخطاب: لا يحنث؛ لأنه ليس بكلام، قال الله تعالى لمريم عليها السلام: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا … } إلى قوله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} (١)، وأما قوله تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} (٢) فهو استثناء منقطع، وقول أبي الخطاب هو مقتضى ما تقدَّم (٣) في الطلاق أنه لا يحنث بها.

(وإن ناداه) الحالف (بحيث) إن المحلوف عليه (يسمع، فلم يسمع؛ لتشاغله أو غفلته) حَنِثَ؛ لأنه كلمه.

(أو سَلَّمَ) الحالف (عليه) أي: على مَنْ حلف: لا يكلمه (حَنِثَ) لأن السلام كلام تبطل به الصلاة، فحَنِثَ به كغيره، وفي "الرعاية": إن سَلَّم عليه ولم يعرفه، فوجهان.

(وإن سَلَّم على قوم هو فيهم ولم يعلم) به (فكَنَاسٍ) فيحنث في طلاق وعتق فقط.

(وإن عَلِم به ولم ينوِه) أي: الحالف بالسلام (ولم يستثنه) الحالف (بقلبه ولا بلسانه، كأن يقول: السلام عليكم إلا فلان، حَنِث) لأنه كلمه؛ لدخوله في المسلَّم عليهم. والسلام كلام؛ لما سبق. و"فلان" مرسوم في النسخ بلا ألف، فيخرَّج على لغة ربيعة؛ لأنه منصوب لا غير.

(و) إن حلف: (لا يبتدئه بكلام، فتكلَّما معًا، لم يحنث) لأنه لم يبتدئه (بخلاف: لا كلّمته حتى يُكَلِّمني، أو يبدأني بالكلام، فيحنث بكلامهما معًا) لأنّ يمينه هذه تقتضي ترتيب كلامه على كلام فلان، فإذا


(١) سورة مريم، الآيات: ٢٦ - ٢٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية:٤١.
(٣) (١٢/ ٢١٩).