للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويأمر من يُنادي بيومِ جلوسه للحُكم) ليعلم مَن له حاجة، فيقصد الحضور لفصل حاجته (ثم ينصرف) القاضي (إلى منزله الذي أُعِدَّ له) ليستريح من نَصَبِ سفره، ويُعِدَّ أمره، ويُرتِّب نُوَّابه؛ ليكون خروجه على أعدل أحواله.

(وأول ما يبدأ به أن يبعثَ إلى الحاكم المعزول، فيأخذَ منه دِيوانَ الحُكْمِ) بكسر الدال، وحُكي فتحَها، وهو فارسي مُعَرَّب؛ لأنه الأساس الذي يبني عليه (ويلزمه) أي: المعزول (تَسْلِيمُه) أي: ديوان الحُكم (إليه) أي: إلى القاضي المتولِّي؛ لأنه في يد الحاكم بحكم الولاية، وقد صارت إليه، فوجب أن ينتقل ذلك إليه (وهو) أي: الديوان (ما فيه وثائق الناس من المحاضر، وهي نُسَخُ ما ثَبَتَ عند الحاكم، والسِّجلات، وهي نُسَخُ ما حَكَمَ به) ويُعرف الآن بالسجل (ولْيأمُرِ) القاضي (كاتبًا ثقةً يكتُبُ ما تَسَلَّمه، بمحضَرِ عَدْلين) احتياطًا.

(ثم يخرج) القاضي (يوم الوعد، على أعدل أحواله: غير غضبانَ، ولا جائعٍ، ولا شبعانَ، ولا حاقنٍ، ولا مهمومٍ بأمرٍ يشغله عن الفهم، كـ: العطشِ والفرح الشديدين، والحزنِ الكثير، والهمِّ العظيم، والوجعِ المؤلم، والنُّعاسِ الذي يغمُرُ القلبَ) ليكون أجمع لقلبه، وأبلغ في تيقُّظِه للصواب؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقضي القاضي وهو غضبانُ" متفق عليه من حديث أبي بكرة (١)، والباقي بالقياس عليه.

(ويُسَلِّم على من يَمُرُّ به (٢)) من المسلمين (ولو صبيانًا، ثم على مَن في مجلسه) لحديث: "إن حقَّ المسلم على المسلم أن يُسَلِّم عليه إذا


(١) البخاري في الأحكام، باب ١٣، حديث ٧١٥٨، ومسلم في الأقضية، حديث ١٧١٧.
(٢) في "ذ": "عليه".