للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح.

قال الخطابي (١): ذهب إلى هذا عامة علماء الحديث. فعلى هذا لا فرق بين قليله وكثيره، وكونه (نيئًا وغير نيء), ولا بين كون الآكل عالمًا بالحديث أو جاهلًا.

لا يقال: يحتمل أن يراد بالوضوء غسل اليدين؛ لأنه مقرون بالأكل، كما حمل عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء قبل الطعام وبعده.

ويحتمل أن يراد به على وجه الاستحباب؛ لأن الوضوء الوارد في الشرع يحمل على موضوعه الشرعي؛ ولأنه جمع بين ما أمر به، وهو الوضوء من لحومها, وبين ما نهى عنه، وهو عدم الوضوء من لحوم الغنم.

والمخالف يقول: بأنه يستحب فيهما. ولأن السؤال وقع عن الوضوء والصلاة، والوضوء المقترن بها لا يفهم منه غير الوضوء الشرعي، ولأن مقتضى الأمر الإيجاب، خصوصًا وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن حكم هذا اللحم، فأجاب بالأمر بالوضوء؛ فلو حمل على غير الوجوب لكان تلبيسًا لا جوابًا، ودعوى النسخ مردودة بأن من شرطه عدم إمكان الجمع وتأخر الناسخ.

ووجب الوضوء من أكل لحم الجزور (تعبدًا) لا يعقل معناه، فلا يتعدى إلى غيره، فـ (ــلا) يجب الوضوء بـ (ــشرب لبنها، ومرق لحمها، وأكل كبدها, وطحالها، وسنامها) - بفتح السين - (وجلدها، وكرشها، ونحوه) كمصرانها؛ لأن النص لم يتناوله.

(ولا) ينقض (طعام محرم أو نجس) ولو كلحم خنزير؛ لأن الحكم في لحم الإبل غير معقول المعنى، فيقتصر على مورد النص فيه. وما روى أسيد بن حضير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "سُئِلَ عن ألبانِ الإبلِ، فقال: توضَّئُوا من ألبَانِهَا" رواه


(١) ينظر معالم السنن (١/ ٦٧).