للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعالي العفو عنه، ولم يقيده باليسير؛ لأن التحرز لا سبيل إليه. وهذا متوجه.

(ولا ينجس الآدمي، ولا طرفه، ولا أجزاؤه) كلحمه، وعظمه، وعصبه (ولا مشيمته) بوزن فعيلة -كيس الولد (ولو كافرًا بموته) لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (١) ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم لا ينجُسُ" متفق عليه (٢) من حديث أبي هريرة. وقال البخاري: قال ابن عباس: "المسلمُ لا ينجسُ حيًّا ولا ميتًا" (٣) (فلا ينجس ما وقع فيه) آدمي أو شيء من أجزائه (فغيّره، كريقه) أي: الآدمي (وعرقه، وبزاقه، ومخاطه، وكذا ما لا نفس) أي: دم (له سائلة) لخبر أبي هريرة مرفوعًا: "إذا وقَع الذبابُ في شرابِ أحدكُم فليغمِسْه كلّه، ثم ليطرحْهُ؛ فإن في أحدِ جناحَيهِ شفاءً وفي الآخرِ داءً" رواه البخاري (٤). والظاهر موته بالغمس، لاسيما إذا كان الطعام حارًا. ولو نجس الطعام لأفسده. فيكون أمرًا بإفساد الطعام. وهو خلاف ما قصده الشارع؛ لأنه قصد بغمسه إزالة ضرره، ولأنه لا نفس له سائلة. أشبه دود الخل إذا مات فيه.

والذي لا نفس له سائلة (كذباب، وبق، وخنافس) جمع خنفساء بضم


(١) سورة الإسراء، الآية: ٧٠.
(٢) البخاري في الغسل، باب ٢٣، ٢٤، حديث ٢٨٣، ٢٨٥، ومسلم في الحيض، حديث ٣٧١.
(٣) البخاري في الجنائز، باب ٨، معلقًا، ورواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٦٧) وسعيد بن منصور كما في فتح الباري (٣/ ١٢٧) موصولًا عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس بنجس حيًا ولا ميتًا. وقال الحافظ: إسناده صحيح. ورواه الدارقطني (٢/ ٧٠)، والحاكم (١/ ٣٨٥) من طريق ابن عيينة به مرفوعًا، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
(٤) في بدء الخلق، باب ١٧، حديث ٣٣٢٠، وفي الطب، باب ٥٧، حديث ٥٧٨٢.