للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شيم الأشراف، وأن الحسنات يذهبن السيئات، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب.

قال المصنف - رحمه الله -:

(بسم الله الرحمن الرحيم) تأسيًا بالكتاب، وعملًا بحديث "كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ فهو أَبْتَرُ"، أي: ذاهب البركة. رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه "الجامع" (١)، والحافظ عبد القادر الرهاوي.

والباء في البسملة للمصاحبة، أو الاستعانة متعلقة بمحذوف، وتقديره فعلًا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعال، وخاصًّا لأنه أمس بالمقام، ومؤخرًا لإفادة الاختصاص، ولأنه أوفق للوجود، وأدخل في التعظيم، ولا يرد {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (٢) لكونه مقام أمر بجعل الفعل مقرونًا باسم الله، فتقديمه - أي الفعل - لكونها أول سورة نزلت، على أن الكشاف (٣) أن معناه: "اقرأ مفتتحًا باسم ربك أي: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم اقرأ"، فيكون معناه: مفتتحًا باسم الله أقرأ. وكفى به شاهدًا على أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة، إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقًا بدون تعلقه بمقروء دون مقروء، فتكون مأمورًا بها في ابتداء غير هذه السورة أيضًا.

وكسرت الباء - وإن كان حق الحروف المفردة الفتح - للزومها للحرفية والجر، ولتشابه حركتها عملها، وحذفت الألف من اسم الله دون اسم ربك


(١) (٢/ ٦٩). ورواه السبكي في طبقاته (١/ ٦) من طريق الرهاوي وفي سنده أحمد بن محمد بن عمران، ويعرف بابن الجندي، ترجم له الخطيب في تاريخه (٥/ ٧٧) وقال: كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه (يعني التشيع) قال الأزهري: ليس بشيء. وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير (٥/ ١٣) ورمز لضعفه. وانظر ما سيأتي ص/ ٦.
(٢) سورة العلق، الآية: ١.
(٣) الكشاف للزمخشرى (٤/ ٦١٨).