للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحوه لكثرة الاستعمال، وعوض عنها تطويل الباء.

و"الله" أصله إله حذفت همزته وعوض عنها اللام، وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على مفهوم كلي هو المعبود بحق و"الله": علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق، إذ لم يستعمل في غيره تعالى. قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (١). ومن ثم كان "لا إله إلا الله" توحيدًا، أي: لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق، فهو من الأعلام الخاصة من حيث إنه لم يسم به غيره، ومن الأعلام الغالبة من حيث إن أصله إله، قاله الدَلْجي (٢) في "شرح الشفاء" (٣).

و"الرحمن" خاص لفظًا إذ لم يسم به غيره تعالى، وما شذ لا يعتدّ به، عام معنى لأنه صفة بمعنى كثير الرحمة، ثم غلب على البالغ في الرحمة والإنعام بجلايل النعم في الدنيا والآخرة، فهو لوقوعه صفة لا موصوفًا، وكونه بإزاء المعنى دون الذات من الصفات الغالبة.

"الرحيم" عام لفظًا لأنه قد يسمى به غيره تعالى، وهما صفة مشبهة من رحم، بجعله لازمًا بنقله إلى باب فعل بضم ثانيه، إذ لا تشتق من متعد. والرحمة عطف، أي: تعطف وشفقة وميل روحاني لا جسماني، ومن ثم جعل الإنعام مسببًا عن العطف والرقة لا عن الانحناء الجسماني، وكلاهما في حقه تعالى محال، فهو مجاز إما عن نفس الإنعام فيكون صفة فعل، أو عن إرادته


(١) سورة مريم، الآية: ٦٥.
(٢) هو شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العثماني الدلجي الشافعي المتوفى سنة (٩٤٧ هـ) - رحمه الله تعالى -. والدَلْجي بفتح الدال وسكون اللام نسبة إلى دلجة قرية بصعيد مصر شذرات الذهب (١٠/ ٣٨٦) ولب اللباب (١/ ٣٢١).
(٣) واسمه "الاصطفاء لبيان معاني الشفاء" لا زال مخطوطًا.