للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيكون صفة ذات، وإما تمثيل للغائب - أي تمكنه تعالى من الإنعام - بالشاهد، أي: تمكن الملك من ملكه، فتفرض حاله تعالى على سبيل التمكن منه، بحال ملك عطف على رعيته ورق لهم، فعمهم معروفه، فأطلقا عليه تعالى على طريق الاستعارة التمثيلية (١).

وقدم "الرحمن" لأنه علم، أو كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره، أو لأن الرحيم ذكر كالتتمة والرديف للرحمن، لئلا يتوهم كون دقايق الرحمة لغيره تعالى.

(الحمد لله) أي: الوصف بالجميل الاختياري على قصد التعظيم ثابت له تعالى، والحمد عرفًا فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره، بدأ بذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة: "كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بالحمد للهِ فهو أقطَعُ"، وفي رواية: "بحمد الله"، وفي رواية: "بالحمد"، وفي رواية: "كلُّ كلامٍ لا يُبْدأ فيه بالحمد للهِ فهو أجْذَمُ"، قال النووي في "شرح المهذب" (٢): روينا كل هذه الألفاظ في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوي، ورويناه عنه من رواية كعب بن مالك (٣) الصحابي


(١) مذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل، وما ذكره المؤلف هنا جارٍ على مذهب الأشاعرة.
(٢) المجموع (١/ ١٢١).
(٣) رواه الطبراني في الكبير (١٩/ ٧٢)، حديث ١٤، ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية (١/ ١٤) بلفظ: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع أو أجذم. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ١٨٨) وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفي صدقة بن عبد الله ضعفه أحمد، والبخاري، ومسلم وغيرهم، ووثقه أبو حاتم، ودحيم في رواية.