للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أحمده) أي: أصف الله تعالى بجميل صفاته مرة بعد أخرى، لأن المضارع المثبت يشعر بالاستمرار التجددي، وفيه موافقة بين الحمد والمحمود عليه، لأن آلاء الله تعالى لا تزال تتجدد في حقنا دائمًا. كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد، وحمد أوّلًا بالجملة الاسمية، وثانيًا بالفعلية اقتداء به - صلى الله عليه وسلم - ففي خبر مسلم وغيره: "إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُهُ" (١).

(حمدًا يفوق حمد الحامدين) مصدر مبين لنوع الحمد لوصفه بالجملة بعده (٢). وهذا إخبار عن الحمد الذي يستحقه الله سبحانه وتعالى، كقول من قال: حمدًا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، إذ العبد لا يمكنه الإتيان بذلك. وكذا: الحمد لله ملء السماوات وملءَ الأرض، وملءَ ما شئت من شيء بعد، وعدد الرمال، والتراب، والحصى، والقطر، وعدد أنفاس الخلائق، وعدد ما خلق الله، وما هو خالق. فهذا إخبار عما يستحقه من الحمد لا عما يقع من العبد من الحمد، أشار إليه ابن القيم في "عدة الصابرين" (٣).

(وأشكره) أي: الله تعالى (على نعمه) جمع نعمة، والإنعام الإعطاء من غير مقابلة، قال في "القاموس" (٤): أنعمها الله تعالى، وأنعم بها عطيته. والشكر لغة: الحمد عرفًا. واصطلاحًا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه


(١) صحيح مسلم في الجمعة، حديث ٨٦٨، ورواه أبو داود في النكاح باب ٣٣، حديث ٢١١٨، والترمذي في النكاح باب ١٦، حديث ١١٠٥، والنسائي في الجمعة باب ٣٩، حديث ٣٢٧٧، والإمام أحمد (١/ ٣٩٢، ٣٩٣، ٤٠٨، ٤٣٢، ٤٣٧) والدارمي في النكاح باب ٢٠، (٢/ ١٤٢) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٢) ويجوز أن يكون مصدرًا موكدًا للعامل وهو اقتصار على أحد الجائزين (ش).
(٣) ص/ ١١٧.
(٤) ص/ ١٥٠١ والذي فيه: "وأنعمها الله تعالى عليه، وأنعم بها. ونعيم الله تعالى: عطيّته".