للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَتْ عَائِشَةُ أنَّها كانتْ تَغْسِلُ المَنِىَّ من ثَوْبِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت: ثم أَرَى فيه بُقْعَةً أو بُقَعًا وهو حَدِيثٌ صَحِيحٌ (١). قال صالِحٌ: قال أبي: غَسْلُ المَنِىِّ من الثَّوْبِ أَحْوَطُ وأَثْبَتُ في الرِّوَايَةِ. وقد جاء الفَرْكُ أيضًا عن عاثِشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في المَنِىِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ: "إنْ كَانَ رَطْبًا فاغْسِلِيهِ. وإن كان يَابِسًا فافْرُكِيهِ" (٢). وهذا أمْرٌ يَقْتَضِى الوُجُوبَ. ولأنه خارِجٌ مُعْتَادٌ من السَّبِيلِ، أشْبَهَ البَوْلَ. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشَةُ، رَضِىَ اللهُ عنها، قالت: كُنْتُ أَفْرُكُ المَنِىَّ من ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَيُصَلّى فيه. مُتَّفَقٌ عليه (٣). وقال ابنُ عَبَّاسٍ: امْسَحْهُ عنك بإذْخِرَةٍ أو بِخِرْقَةٍ، ولا تَغْسِلْه، إنَّما هو كالبُزَاقِ والمُخَاطِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ (٤) مَرْفُوعًا إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولأنَّه لا يَجِبُ غَسْلُه إذا جَفَّ، فلم يَكُنْ نَجِسًا كالمُخَاطِ، ولأنَّه بَدْءُ خَلْقِ آدَمِىٍّ، فكان طَاهِرًا كالطِّينِ، ويُفَارِقُ البَوْلَ من حيثُ إنَّه بَدْءُ خَلْقِ آدَمِىٍّ.

فصل: فإن خَفِىَ مَوْضِعُ المَنِىِّ فُرِكَ الثَّوْبُ كُلُّه، إن قُلْنَا بِنَجَاسَتِه، وإن قُلْنَا بِطهَارَتِه اسْتُحِبَّ فَرْكُه. وإن صَلَّى فيه من غيرِ فَرْكٍ، أجْزَأه. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ


(١) أخرجه البخاري، في: باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري ١/ ٦٧. وأبو داود، في: باب المنى يصيب الثوب، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٩. وانظر: مسند الإمام أحمد ٦/ ٤٧، ١٤٢، ١٦٢.
(٢) أخرجه الدارقطني، في: باب ما ورد في طهارة المنى وحكمه رطبا ويابسا، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٢٥. وأبو عوانة، في: باب تطهير الثوب. مسند أبي عوانة ١/ ٢٠٤. كلاهما موقوفا على عائشة، رضى اللَّه عنها. وذكره الزيلعي، في نصب الراية ١/ ٢٠٩. وقال: غريب. وانظر: تلخيص الحبير، في: بيان النجاسات ١/ ٣٣.
(٣) أخرجه البخاري، في: باب غسل المنى وفركه وغسل ما يصيب من المرأة، من كتاب الوضوء ١/ ٦٧. ومسلم، في: باب حكم المنى، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم ١/ ٢٣٨. قال ابن حجر: متفق عليه من حديثها، واللفظ لمسلم، ولم يخرج البخاري مقصود الباب. تلخيص الحبير ١/ ٣٢. كما أخرجه أبو داود، في: باب المنى يصيب الثوب، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٩. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٢٥، ١٣٢، ٢١٣، ٢٣٩، ٢٦٣.
(٤) في: باب ما ورد في طهارة المنى وحكمه رطبا ويابسا، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>