للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُلْ (١٩) مُضَارَبةً؛ لأنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ لما أثْبَتَ حُكْمَه من الإِبْضاعِ والقَرْضِ (٢٠)، بخِلافِ مما إذا صَرَّحَ بالمُضَارَبَةِ. وما ذَكَرَه مالِكٌ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الهِبَةَ لا تَصِحُّ قبلَ وُجُودِ المَوْهُوبِ.

فصل: ويجوزُ أن يَدْفَعَ مالًا إلى اثْنَيْنِ مُضَارَبةً في عَقْدٍ واحِدٍ، فإن شَرَطَ لهما جُزْءًا من الرِّبْحِ بينهما نِصْفَيْنِ، جَازَ. وإن قال: لكما كذا وكذا من الرِّبْحِ. ولم يُبَيِّنْ كيف هو، [فهو بينهما نِصْفَانِ] (٢١)؛ لأنَّ إطْلَاقَ قولِه بينهما يَقْتَضِى التَّسْوِيَةَ، كما لو قال لِعَامِلِه: والرِّبْحُ بيننا. وإن شَرَطَ لأَحَدِهِما ثُلُثَ الرِّبْحِ، وللآخَرِ رُبْعَه، وجَعَلَ الباقِىَ له، جَازَ. وبهذا قال أبو حنيفةَ والشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: لا يجوزُ؛ لأنَّهما شَرِيكانِ في العَمَلِ بأبْدانِهِما، فلا يجُوزُ تَفَاضُلُهما في الرِّبْحِ كشَرِيكَىِ الأَبْدانِ. ولَنا، أن عَقْدَ الواحِدِ مع الاثْنَيْنِ عَقْدَانِ، فجازَ أن يَشْتَرِطَ في أحَدِهما أكْثَرَ من الآخَرِ، كما لو انْفَرَدَ. ولأنَّهما يَسْتَحِقّانِ بالعَمَلِ وهما يتَفَاضَلَانِ فيه، فجازَ تَفَاضُلُهُما في العِوَضِ، كالأَجِيرَيْنِ. ولا نُسَلِّمُ وُجُوبَ التَّسَاوِى في شَرِكَةِ الأَبْدانِ، بل هي كمَسْأَلَتِنا في جَوَازِ تَفَاضُلِهما. ثم الفَرْقُ بينهما أنَّ ذلك عَقْدٌ واحِدٌ، وهذان (٢٢) عَقْدانِ.

فصل: وإن قَارضَ اثْنانِ واحِدًا بأَلْفٍ لهما، جَازَ. وإذا شَرَطَا له ربِحًا مُتَساوِيًا منهما، جَازَ. وإن شَرَطَ أحَدُهما له النِّصْفَ، والآخَرُ الثُّلُثَ، جَازَ، ويكون باقِى رِبْح مالِ كلِّ واحدٍ منهما لِصَاحِبه. وإن شَرَطَا كونَ الباقِى من الرِّبْحِ بينهما نِصْفَيْنِ، لم يَجُزْ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وكلامُ القاضي يَقْتَضِى جَوَازَهُ. وحُكِىَ ذلك عن أبي حنيفةَ وأبِى ثَورٍ. ولَنا، أنَّ أحَدَهما يَبْقَى له من رِبْحِ مالِه النِّصْفُ، والآخَرَ يَبْقَى له


(١٩) في م: "يكن".
(٢٠) في م: "والقراض".
(٢١) في م: "كان بينهما نصفين".
(٢٢) في الأصل، أ: "وهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>