للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرَ، أَنَّه أوْصَى (٢٦) سَلِمَةَ (٢٧) بن قَيْس (٢٨)، فقال: "لا تَقْتُلُوا امْرأةً، ولَا صَبِيًّا، ولَا شَيْخًا هِمًّا (٢٩) ". روَاهما سعيدٌ (٣٠). ولأنَّه ليس من أهلِ القِتَالِ، فلا يُقْتَل، كالمَرْأَةِ. وقد أَوْمَأَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هذه العِلَّة فى المرأةِ، فقال: "مَا بَالُهَا (٣١) قُتِلَتْ، وَهِىَ لَا تُقاتِلُ" (٣٢). والآيةُ مَخْصوصَةٌ بما رَوَيْنا، ولأنَّه قد خَرَجَ من عُمومِها المرأةُ، والشَّيْخُ الهِمُّ فى مَعْناها، فنَقِيسُه عليها. وأمَّا حديثُهم، فأرادَ به الشُّيوخَ الذين فيهم قُوَّةٌ على القتالِ، أو مَعُونةٌ عليه، بِرَأْىٍ أو تَدْبِيرٍ، جَمْعًا بين الأحاديث، ولأنَّ أحادِيثَنا خاصّةٌ فى الهَرِمِ، وحديثَهم عامٌّ فى الشُّيوخِ كلِّهم، والخاصُّ يُقدَّمُ على العامِّ، وقياسُهم يَنْتَقِضُ بالعَجُوزِ التى لا نَفْعَ فيها.

فصل: ولا يُقْتَلُ زَمِنٌ ولا أَعْمَى ولا راهِبٌ، والخِلافُ فيهم كالخلافِ فى الشَّيْخِ، وحُجَّتُهم ههُنا حُجَّتُهم فيه. ولَنا، فى الزَّمِنِ والأَعْمَى، أَنَّهما ليسا من أهلِ القتالِ، فأشْبَها المرأَةَ، وفى الرَّاهِبِ، ما رُوِىَ فى حديثِ أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: وسَتَمُرُّونَ على أقْوامٍ فى الصَّوامِعِ، [هم احْتَبَسُوا] (٣٣) أَنْفُسَهم فيها، فدَعْهُم (٣٤) حَتَّى يُمِيتَهم اللَّهُ على ضَلالِهم. ولأنَّهم لا يُقاتِلُونَ تَدَيُّنًا، فأشْبَهوا مَنْ لا يَقْدِرُ على القتالِ.


(٢٦) فى الأصل، أ، م: "وصى".
(٢٧) بكسر اللام. انظر: تهذيب التهذيب ٤/ ١٦٣.
(٢٨) فى م: "أقيس".
(٢٩) الهِمّ: الكبير الفانى.
(٣٠) الأول تقدم تخريجه عند سعيد، فى صفحة ١٨. وتقدم أيضًا فى ١٤٣. والثانى لم نجده فيما بين أيدينا من سنن سعيد.
(٣١) فى م: "بال هذه".
(٣٢) أخرجه أبو داود، فى: باب فى قتل النساء، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٤٩، ٥٠. وابن ماجه، فى: باب الغارة والبيات وقتل النساء. . .، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١١٥، ٣/ ٤٨٨، ٤/ ١٧٨.
(٣٣) فى م: "قد حبسوا".
(٣٤) فى م: "فدعوهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>