للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدِيَتُه دِيَةُ مَجُوسىٍّ؛ لأنَّها أقَلُّ الدِّياتِ، فلا تَنْقُصُ عنها، ولأنَّه كافِرٌ ذو عَهْدٍ، لا تَحِلُّ مُناكَحَتُه، فأشْبَهَ الْمَجُوسِىَّ.

فصل: ومَنْ لم تَبْلُغْه الدَّعْوةُ من الكُفَّارِ إن وُجِدَ، لم يَجُزْ قَتْلُه حتى يُدْعَى، فإن قُتِلَ قبلَ الدَّعْوةِ من غيرِ أن يُعْطَى أمانًا، فلا ضَمانَ فيه؛ لأنَّه لا عَهْدَ له ولا أيْمانَ، فأشْبَهَ امرأةَ الحَرْبِىِّ وابنَه الصغيرَ، وإنَّما حَرُمَ قَتْله لتَبْلغه الدَّعْوةُ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُضْمَنُ بما يُضْمَنُ به أهْلُ دِينِه. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه مَحْقُونُ الدَّمِ، أشْبَهَ مَنْ له أمانٌ. والأوَّلُ أَوْلَى؛ فإنَّ هذا يَنْتَقِضُ بصِبْيانِ أهلِ الحَرْبِ ومَجانِينِهم، ولأنَّه كافرٌ لا عَهْدَ له، فلم يُضْمَنْ، كالصِّبْيانِ والْمَجانينِ. فأمَّا إن (٥) كان له عَهْدٌ، فله دِيَةُ أهْلِ دِينِه، فإن لم يُعْرَفْ دِينُه، ففيه دِيَةُ الْمَجُوسىِّ؛ لأنَّه اليَقِينُ، وما زاد مَشْكُوكٌ فيه.

١٤٧٢ - مسألة؛ قال: (ودِيَةُ الحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ)

قال ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ دِيَةَ المرأةِ نصفُ دِيَةِ الرجلِ. وحكى غيرُهما عن ابنِ عُلَيَّةَ، والأصَمِّ، أنَّهما قالا: دِيَتُها (١) كَدِيَةِ الرَّجُلِ؛ لقولِه عليه السلام: "فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ" (٢). وهذا قولٌ شاذٌّ، يُخالِفُ إجماعَ الصَّحابةِ، وسُنَّةَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّ في كتابِ عَمْرِو بن حَزْمٍ: "دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ" (٣). وهو (٤) أخَصُّ ممَّا ذكَرُوه، وهما في كتابٍ واحدٍ، فيكونُ ما ذكَرْنا مُفسِّرًا لما ذكَرُوه، مُخَصِّصًا له، ودِيَةُ نساءِ كلِّ أهلِ دِينٍ على النِّصْفِ من دِيَةِ رِجالِهم، على ما قَدَّمْناهُ في مَوْضِعه.


(٥) في م: "إذا".
(١) في ب: "ديتهما".
(٢) تقدم تخريجه، في: صفحة ٥، عند البيهقي، وفيه: "في النفس المؤمنة".
(٣) ليس في كتاب عمرو بن حزم. انظر تلخيص الحبير ٤/ ٢٤. وقد أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في دية المرأة من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٩٥. عن معاذ بن جبل مرفوعا، وموقوفا على عليٍّ رضى اللَّه عنه.
(٤) في م: "وهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>