للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُضْغَةً لا صُورةَ فيها، ولم تَشْهَدِ القَوابلُ بأنَّها مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ، فهذا لا تَنْقَضِى به عِدَّةٌ، ولا تصيرُ به أُمَّ ولدٍ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ كَوْنُه ولدًا ببَيِّنَةٍ ولا مُشاهدةٍ، فأشْبَهَ العَلَقةَ، ولا (٧) تَنْقَضِى العِدَّةُ بوَضْعِ ما قبلَ المُضْغةِ بحالٍ، سَواءٌ كان نُطْفةً أو عَلَقةً، وسَواءٌ قيل: أنَّه مُبْتَدأُ خلقِ آدَمِىٍّ أو لم يُقَلْ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: أمَّا اذا كان عَلَقةً، فليس بشىءٍ، إنَّما هى دَمٌ، لا تَنْقَضِى به عِدَةٌ، ولا تَعْتِقُ به (٨) أمَةٌ. ولا نعلمُ مخالفًا فى هذا، إلا الحسنَ، فإنَّه قال: إذا عُلِمَ أنَّها حَمْلٌ، انْقَضتْ به (٨) العِدَّةُ، وفيه الغُرَّةُ. والأوَّلُ أصَحُّ، وعليه الجمهورُ. وأقَلُّ ما تَنْقَضِى به العِدَّةُ من الحَمْلِ، أن تَضَعَه بعدَ ثمانينَ يومًا منذُ أمْكَنَه وَطْؤُها؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ خَلْقَ أحَدِكُم لَيُجْمَعُ فى بَطْنِ أُمِّهِ، فَيَكُونُ نُطْفةً أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغةً مِثْلَ ذلِكَ" (٩). ولا تَنْقَضِى العِدَّةُ بما دُون المُضْغةِ فوَجَبَ أن تكونَ بعدَ الثمانينَ، فأمَّا ما (١٠) بعدَ الأرْبعة أشْهُرٍ، فليس فيه إشْكالٌ؛ لأنَّه يُنَكَّسُ (١١) فى الخَلْقِ الرابعِ.

فصل: وأقلُّ مُدَّةِ الحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ؛ لما رَوَى الأَثْرَمُ، بإسْنادِه عن أبي الأَسْوَدِ، أنَّه رُفِعَ إلى عمرَ، أنَّ امرأةً ولَدَتْ لسِتَّةِ أشْهُرٍ، فَهَمَّ عمرُ بِرَجْمِها، فقال له عليٌّ: ليس لك ذلك. قال اللهُ تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (١٢).


(٧) فى أ، ب، م: "فلا".
(٨) فى ب: "بها".
(٩) أخرجه البخارى، فى: باب ذكر الملائكة، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، من كتاب الأنبياء، وفى: باب حدثنا أبو الوليد. . .، من كتاب القدر، وفى: باب: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} من كتاب التوحيد. صحيح البخارى ٤/ ١٣٥، ١٦١، ٨/ ١٥٢، ٩/ ١٦٥. ومسلم، فى: باب كيفية خلق الآدمى فى بطن أمه. . .، من كتاب القدر. صحيح مسلم ٤/ ٢٠٣٦. وأبو داود، فى: باب فى القدر، من كتاب السنة. سنن أبي داود ٢/ ٥٣٠. والترمذى، فى: باب ما جاء أن الأعمال بالخواتيم، من كتاب القدر. عارضة الأحوذى ٨/ ٣٠١.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) فى أ، ب، م: "منكس".
(١٢) سورة البقرة ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>