للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مائِيَّتَهُ التي يَقْصِدُ ذَهَابَها، ولهذا تَزْدَادُ حَلَاوَتُه، وتَكْثُرُ قِيمَتُه، فلم يَجِبْ ضَمَانُها، كسِمَنِ العَبْدِ الذي يَنْقُصُ قِيمَتَهُ. والثانى، يَجِبُ ضَمَانُه؛ لأنَّه مُقَدَّرُ البَدَلِ، فأَشْبَهَ الزَّيْتَ إذا أَغْلَاهُ. وإن نَقَصَتِ العَيْنُ والقِيمَةُ جَمِيعًا، وَجَبَ في الزَّيْتِ وشِبْهِه ضَمَانُ النَّقْصَيْنِ جَمِيعًا؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما مَضْمُونٌ مُنْفَرِدًا، فكذلك إذا اجْتَمَعَا، وذلك مثل أن يكونَ رَطْلُ زَيْتٍ قِيمَتُه دِرْهَمٌ، فأَغْلَاهُ، فنَقَصَ ثُلُثُه، فصارَ قِيمَةُ الباقِى نِصْفَ دِرْهَمٍ، فعليه ثُلُثُ رَطْلٍ وسُدُسُ دِرْهَمٍ. وإن كانت قِيمَةُ الباقِى ثُلُثَىْ دِرْهَمٍ، فليس عليه أَكْثَرُ [من ثُلُثِ رَطْلٍ؛ لأنَّ قِيمَةَ الباقِى لم تَنْقُصْ. وإن خَصَى العَبْدَ، فنَقَصَتْ قِيمَتُه، فليس عليه أكْثَرُ] (٣٦) مِن ضَمَانِ خُصْيَتَيه؛ لأنَّ ذلك بمنزلةِ ما لو فَقَأَ عَيْنَيْه. وهل يجبُ في العصيرِ ما نقَصَ مِن القيمةِ، أو يكونُ كالزَّيْتِ؟ على وَجْهَيْن.

فصل: وإن غَصَب عَبْدًا فسَمِنَ سِمَنًا نقَصَتْ به قيمتُه، أو كان شابًّا فصار شيخًا، أو كانت الجاريةُ ناهِدًا فسَقط ثَدْياها. وَجَبَ أرْشُ النَّقْصِ. لا نعلمُ فيه خِلافًا. فإن كان العبدُ أمْرَدَ، فنَبتَتْ لِحْيَتُه فنَقَصَتْ قِيمَتُه، وجَب ضَمانُ نَقْصِه. وبه قال الشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ ضَمانُه؛ لأنَّ الفائِتَ لا يُقْصَدُ قَصْدًا صحيحًا، فأشْبَهَ الصِّناعةَ المُحَرَّمَةَ. ولَنا، أنَّه نقَص في القيمةِ بتَغَيُّرِ (٣٧) صِفَتِه، فيَضْمَنُه، كبَقِيَّةِ الصُّوَرِ.

فصل: وإن نقَص المغْصوبُ نَقْصًا غيرَ مُسْتَقِرٍّ، كطعامٍ ابْتَلَّ. وخِيفَ فَسادُه، أو عَفِنَ وخُشِىَ تَلَفُه. فعليه ضَمانُ نَقْصِه. وهذا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ. وله قولٌ آخَرُ؛ أنَّه لا يضْمَنُ نَقْصَه. وقال القاضي (٣٨): يَلْزَمُه بدَلُه، لأنَّه لا يُعْلَمُ قَدْرُ نَقْصِه، وكلَّما نقَص شيئا ضَمِنَه؛ لأنَّه يَسْتَنِدُ إلى السَّبَبِ الموجودِ في يَدِ الغاصِبِ، فكان كالموجودِ في يَدِه. وقال أبو الخَطَّابِ: يتخَيَّرُ صَاحبُه بينَ أخْذِ بَدَلِه، وبَين تَرْكِه حتى يسْتَقِرَّ فَسادُه،


(٣٦) سقط من: ب.
(٣٧) في ب، م: "بتغيير".
(٣٨) في م زيادة: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>