للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبِ الدَّمِ. فأمَّا إذا وَقَفَ فى اللَّيْلِ خَاصَّةً، فإنَّه يُجْزِئُه ولا يَلْزَمُهُ دَمٌ؛ لأنَّ مَن أَدْرَكَ اللَّيْلَ وَحْدَه لا يُمْكِنُه الوُقُوفُ نَهَارًا، فلا يَتَعَيَّنُ عليه، ولا يَجِبُ عليه بِتَرْكِهِ دَمٌ، بِخِلافِ مَن أَدْرَكَ نَهارًا. وأمَّا قَوْلُه: "أوْ دَفَعَ قبلَ الإِمَامِ". فظاهِرُه أنَّه أَوْجَبَ بذلك دَمًا، وإن دَفَعَ بَعْدَ (٥) الغُرُوَبِ. وقد رَوَى الأثْرَمُ، عن أحمدَ، قال: سَمِعْتُه يُسْألُ عن رَجُلٍ دَفَعَ قبل الإِمامِ من عَرَفَةَ بعدَ ما غَابَتِ الشَّمْسُ؟ فقال: ما وَجَدْتُ أحَدًا سَهَّلَ فيه، كُلُّهُم يُشَدِّدُ فيه. قال: وما يُعْجِبُنِى أن يَدْفَعَ قَبْلَ (٦) الإِمامِ، وعن عَطاءٍ، عليه شَاةٌ إذا دَفَعَ قبلَ الإمَامِ. قِيلَ: فيَدْفَعُ مِن مُزْدَلِفَةَ قبلَ الإِمامِ؟ فقال: المُزْدَلِفَةُ عِنْدِى غيرُ عَرَفَةَ. وذَكَرَ حديثَ ابنِ عمرَ، أنَّه دَفَعَ قبلَ ابن الزُّبَيْرِ. وغيرُ الخِرَقِىِّ من أصْحابِنَا لم يُوجِبْ بذلك شيئًا، ولا عَدَّ الدَّفْعَ مع الإِمامِ من الوَاجِباتِ. وهو الصَّحِيحُ؛ فإنَّ اتِّباعَ الإِمامِ وأفْعَالَ النُّسُكِ معه ليس بِوَاجبٍ، فى سائِرِ مَنَاسِكِ الحَجِّ، فكذا هاهُنا، وإنَّما وقَعَ دَفْعُ الصَّحابَةِ مع النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحُكْمِ العادَةِ، فلا يَدُلُّ على الوُجُوبِ، كالدَّفْعِ معه مِن مُزْدَلِفَةَ، والإِفاضَةِ من مِنًى، وغيرِ ذلك، وليس ذلك فِعْلًا لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيَدْخُلُ فى عُمُومِ قَوْلِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" (٧)

٦٨٣ - مسألة؛ قال: (ومَنْ دَفَعَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، مِنْ غَيْرِ الرُّعَاةِ وأَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، فَعَلَيْهِ دَمٌ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ واجِبٌ يَجِبُ بِتَرْكِه دَمٌ، سواءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أو خَطَأً، عالِمًا (١) أو جَاهِلًا، لأنَّه تَرَكَ نُسُكًا، ولِلنِّسْيَانِ أثَرُهُ فى تَرْكِ المَوْجُودِ


(٥) فى ب، م: "قبل".
(٦) فى أ، ب، م: "إلا مع".
(٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٠.
(١) فى الأصل: "عامدا".

<<  <  ج: ص:  >  >>