للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانْتِقالُ إلى العِتْقِ مع ما ذكرُوه. فإنْ قِيلَ: العبدُ لم يَكُنْ مِمَّن تَجِبُ عليه الرَّقَبَةُ، ولا تُخزِئُه، فَلَمَّا لم تُجْزِئْه الزيادَةُ، لم تَلْزَمْه بِتَغَيُّر الحالِ، بخلافِ مَسْألتِنا. قُلْنا: هذا لا أثَرَ له. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا أيْسَرَ، فأحَبَّ أَنْ يَنْتَقِلَ إلى الإعْتاقِ، جازَ له، فى ظاهِرِ كلامِ الْخِرَقِىِّ؛ فإنَّه قال: ومن دخَل فى الصَّومِ، ثم قَدَر على الهَدْىِ، لم يَكُنْ [له الانتْقالُ إليه] (١٦) إلَّا أَنْ يشاءَ. وهذا يَدُلُّ على أنَّه إذا شَاء فله الانْتقالُ إليه، ويُجْزِئُه، إلَّا أن يكونَ الحانِثُ عبدًا، فليس له إلَّا الصَّومُ وإِنْ عَتَقَ. وهو قولُ الشَّافعىِّ، على القولِ الذى تَوافَقْنا فيه؛ وذلك لأنَّ العِتْقَ هو الأصلُ، فوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَه كسائِرِ الأصُولِ. فأمَّا إنِ اسْتَمَرَّ به العَجْزُ حتى شَرَعَ (١٧) فى الصِّيامِ، لم يَلْزَمْه الانتقالُ إلى العِتْق. بغيرِ خلافٍ فى المذهبِ. وهو مذهبُ الشَّعْبِىِّ، وقَتادَةَ، ومالكٍ، والأوْزاعِىِّ، واللَّيْثِ، والشَّافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ الْمُنْذِرِ. وهو أحدُ قَوْلَى الحسن. وذَهَبَ ابنُ سِيرِينَ، وعطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، والحَكَمُ، وحَمّادٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، إلى أنَّه يَلْزَمُه العِتقُ؛ لأنَّه قَدَرَ على الأصْلِ قَبْلَ أداءِ فَرْضِه بالبَدَلِ، فلَزِمَه العَوْدُ إليه، كالمُتَيَمِّم يَجِدُ الماءَ قبلَ الصَّلاةِ، أو فى أثنائِها. وَلنا، أنَّه يَقْدِرْ على العِتْق قبلَ تَلبُّسِه بالصِّيامِ، فلم يَسْقُطْ عنه، كما لو اسْتَمَرّ العَجْزُ إلى بعدِ الفَراغِ، ولا يُشْبهُ الوُضُوءَ، فإنَّه لو وَجَدَ الماءَ بعدَ التَّيَمُّمِ بَطَلَ، وههُنا بخلافِه، ولأنَّه وَجَدَ الْمُبْدَلَ بعدَ الشَّروعِ فى صَومِ البَدَلِ. فلم يَلْزَمْه الانتقالُ (١٨) إليه، كالمُتَمَتِّعِ يَجِدُ الهَدْىَ بعدَ الشُّروعِ فى صِيَامِ السَّبْعَةِ.

فصل: إذا قُلْنا: الاعتبارُ بحالةِ الوُجوبِ، فَوَقْتُه فى الظِّهارِ زَمَنُ العَوْدِ، لا وقتُ المُظاهَرَةِ؛ لأنَّ الكَفَّارَةَ لا تَجِبُ حتى يَعُودَ، ووَقْتُه (١٩) فى اليَمينِ، زمنُ الحِنْثِ، لا وقتُ اليَمِينِ، وفى القَتْلِ زمنُ الزُّهُوقِ، لا زمنُ الجَرْحِ، وتقديمُ الكَفَّارَةِ قَبْلَ الوُجوبِ


(١٦) فى ب، م: "عليه الخروج".
(١٧) فى ب: "يشرع".
(١٨) فى م: "الانتقام".
(١٩) سقطت الواو من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>