للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَضَرِ؛ لأنَّه يَنْقُلُه من أرْضِ البُؤْسِ والشَّقَاءِ إلى الرَّفاهِيَةِ والدَّعَةِ والدِّينِ. وإن أقامَ به في حِلَّةٍ يَسْتَوْطِنُها، فله ذلك. وإن كان يَنْتَقِلُ به في (١٠) المَوَاضِع، احْتَمَلَ أن يُقَرَّ في يَدَيْه؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه ابنُ بَدَوِيَّيْنِ، وإقْرَارُه في يَدَىْ مُلْتَقِطِه أرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِه. ويَحْتَمِلُ أن يُؤْخَذَ منه، فيُدْفَعَ إلى صاحِبِ قَرْيَةٍ؛ لأنَّه أرْفَهُ له، وأخَفُّ عليه. وكلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: يُنْزَعُ من مُلْتَقِطِه. [فإنَّما يكون ذلك إذا وُجِدَ مَنْ يُدْفَعُ إليه، ممَّن هو أَوْلَى به. فإن لم يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ به، أُقِرَّ في يَدَىْ مُلْتَقِطِه] (١١)؛ لأنَّ إقْرَارَه في [يَدَيْه مع قُصُورِه، أَوْلَى] (١٢) من إهْلَاكِه. وإن لم يُوجَدْ إلَّا مثلُ مُلْتَقِطِه، فمُلْتَقِطُه أوْلَى به، إذْ لا فائِدَةَ في نَزْعِه من يَدِه، ودَفْعِه إلى مِثْلِه.

فصل: وليس لِلْعَبْدِ الْتِقاطُ الطِّفْلِ المَنْبُوذِ، إذا وُجِدَ من يَلْتَقِطُه سِوَاه؛ لأنَّ مَنَافِعَه لِسَيِّدِه؛ فلا يُذْهِبُها (١٣) في غيرِ نَفْعِه إلَّا بإذْنِه، ولأنَّه لا يَثْبُتُ على اللَّقِيطِ إِلَّا الوِلَايةُ، ولا وِلَايةَ لِعَبْدٍ. فإن الْتَقَطَه لم يُقَرَّ في يَدَيْه، إلَّا أن يَأْذَنَ له السَّيِّدُ، فإن أَذِنَ له، أُقِرَّ في يَدَيْهِ؛ لأنَّه اسْتَعانَ به في ذلك، فصار كما لو الْتَقَطَه بِيَدِه وسَلَّمَه إليه. قال ابنُ عقيلٍ: إن أَذِنَ له السَّيِّدُ لم يكُنْ له الرُّجُوعُ بعدَ ذلك، وصار كما لو الْتَقَطَه. والحُكْمُ في الأَمَةِ كالحُكمِ في المُكَاتَبِ. فأمَّا إن لم يَجِدْ أحَدَا يَلْتَقِطُه سِواهُ، وَجَبَ الْتِقاطُه؛ لأنَّه تَخْلِيصٌ له من الهَلَاكِ، فأشْبَه تَخْلِيصَه من الغَرَقِ. والمُدَبَّرُ (١٤)، وأُمُّ الوَلَدِ، والمُعَلَّقُ عِتْقُه بِصِفَةٍ، كالقِنِّ، وكذلك المُكَاتَبُ، لأنَّه ليس له التَّبَرُّعُ بمالِه، ولا بمَنَافِعِه، إلَّا أن يَأْذَنَ له سَيِّدُه في ذلك.

فصل: وليس للكافِرِ (١٥) الْتِقاطُ مُسْلمٍ؛ لأنَّه لا وِلَايةَ لِكَافِرٍ على مُسْلِمٍ، ولأنَّه


(١٠) في م: "إلى".
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في الأصل: "بلدته مع حضوره خير".
(١٣) في الأصل: "يدفعها".
(١٤) سقط من: الأصل.
(١٥) في م: "لكافر".

<<  <  ج: ص:  >  >>