للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الرَّاكِبُ بما يَدَّعِيه، فيَحْلِفُ على ما يَدَّعِيهِ. وإن كان ما يَدَّعِيه المالِكُ أَكْثَرَ، مثل إن كانت قِيمَةُ البَهِيمَةِ أَكْثَرَ من أَجْرِهَا، فَادَّعَى المالِكُ أنَّها عَارِيَّةٌ، لِتَجِبَ له القِيمَةُ، وأنْكَرَ اسْتِحْقَاقَ الأُجْرَةِ، وادَّعَى الرَّاكِبُ أنَّها مُكْتَرَاةٌ، أو كان الكِرَاءُ أكْثَرَ من قِيمَتِها فَادَّعَى المالِكُ أنَّه أجَرَها، لِيَجِبَ له الكِرَاءُ، وادَّعَى الرّاكِبُ أنَّها عارِيَّةٌ، فالقولُ قولُ المالِكِ في الصُّورَتَيْنِ؛ لما قَدَّمْنَا، فإذا حَلَفَ، اسْتَحَقَّ ما حَلَفَ عليه. ومَذْهَبُ الشّافِعِىِّ في هذا كلِّه نحوُ ما ذَكَرْنَا.

فصل: وإن قال المالِكُ: غَصَبْتَها. وقال الرّاكِبُ: بل أَعَرْتَنِيهَا. فإن كان الاخْتِلَافُ عَقِيبَ العَقْدِ، والدَّابّةُ قائِمَةٌ لم يَتْلَفْ منها شيءٌ، فلا مَعْنَى للاخْتِلَافِ، ويأْخُذُ المالِكُ بَهِيمَتَه، وكذلك إن كانت الدّابّةُ تَالِفَةً؛ لأنَّ القِيمَةَ تَجِبُ على المُسْتَعِيرِ، كَوُجُوبِها على الغاصِبِ. وإن كان الاخْتِلَافُ بعدَ مُضِىِّ مُدَّةٍ لمِثْلِها أجْرٌ، فالاخْتِلَافُ في وُجُوبِه، والقولُ قولُ المالِكِ. وهذا ظاهِرُ قولِ الشّافِعِىِّ. ونَقَلَ المُزَنِىُّ عنه أنَّ القولَ قولُ الرَّاكِبِ؛ لأنَّ المالِكَ يَدَّعِى عليه عِوَضًا، الأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِه منه، ولأنَّ الظَّاهِرَ من اليَدِ أنَّها بِحَقٍّ، فكان القولُ قولَ صَاحِبِها. ولَنا، ما قَدَّمْنَا في الفَصْلِ الذي قبلَ هذا، بل هذا أَوْلَى، لأنَّهما ثَمَّ اتَّفَقَا على أنَّ المَنَافِعَ مِلْكٌ لِلرَّاكِبِ، وههُنَا لم يَتَّفِقَا على ذلك، فإنَّ المالِكَ يُنْكِرُ انْتِقَالَ المِلْكِ فيها إلى الرّاكِبِ، والرَّاكِب يَدَّعِيهِ، والقولُ قولُ المُنْكِرِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الانْتِقَالِ، فيَحْلِفُ، ويَسْتَحِقُّ الأَجْرَ. وإن قال المالِكُ: غَصَبْتَها (٦٢). وقال الرّاكبُ: أجَرْتَنِيهَا. فالاخْتِلَافُ ههُنا في (٦٣) وُجُوبِ القِيمَةِ؛ لأنَّ الأَجْرَ يَجِبُ في المَوْضِعَيْنِ، إلَّا أن يَخْتَلِفَ المُسَمَّى وأَجْرُ المِثْلِ، والقولُ قولُ المالِكِ مع يَمِينِه، فإن كانت الدَّابّةُ تَالِفَةً عَقِيبَ أَخْذِها، حَلَفَ وأخَذَ قِيمَتَها، وإن


(٦٢) في الأصل: "غصبتنيها".
(٦٣) في الأصل: "إلى". وليس في: ب، م. ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>