للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَنْحَرِزُ (٥)، فَمُنِعَ الوَطْءُ جُمْلَةً، كما حُرِّمَ الخَمْرُ لِلسُّكْرِ، وحُرِّمَ منه اليَسِيرُ الذى لا يُسْكِرُ، لِكَوْنِ السُّكْرِ يَخْتَلِفُ. وإن وَطِىءَ فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّها مِلْكُه، وإنما حَرُمَتْ عليه لِعَارِضٍ، كالمُحْرِمَةِ والصَّائِمَةِ، ولا مَهْرَ عليه؛ لأنَّ المُرْتَهِنَ لا حَقَّ له في مَنْفَعَتِها، ووَطْؤُها لا يُنْقِصُ قِيمَتَها، فأشْبَه ما لو اسْتَخْدَمَها. وإن تَلِفَ جُزْءٌ منها أو نَقَصَها، مثلُ أن افْتَضَّ البِكْرَ أو أفْضَاها، فعليه قِيمَةُ ما أتْلَفَ، [فإن شَاءَ جَعَلَ رَهْنًا] (٦)، وإن شَاءَ جَعَلَهُ قَضَاءً من الحَقِّ، إن لم يكُنْ حَلَّ. فإنْ كان الحَقُّ قد حَلَّ، جَعَلَهُ قَضَاءً لا غيرُ؛ فإنَّه لا فَائِدَةَ في جَعْلِه رَهْنًا. ولا فَرْقَ بين الكَبِيرَةِ والصَّغِيرَةِ فيما ذَكَرْنَاهُ.

٧٩٠ - مسألة؛ قال: (وإنْ كَانت جَارِيَةً، فَأَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ، خرَجَتْ أيْضًا مِنَ الرَّهْنِ، وَأَخذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، فَتَكُونُ رَهْنًا)

وجملتُه أنَّ الرَّاهِنَ إذا وَطِىءَ أمَتَه المَرْهُونَةَ، فأَوْلَدَها، خَرَجَتْ من الرَّهْنِ، وعليه قِيمَتُها حين أَحْبَلَهَا، كما لو جَرَحَ العَبْدَ كانت عليه قِيمَتُه حين جَرَحَه، ولا فَرْقَ بين المُوسِرِ والمُعْسِرِ، إلَّا أنَّ المُوسِرَ يُؤْخَذُ منه قِيمَتُها، والمُعْسِرَ يكونُ في ذِمَّتِه قِيمَتُها، على حَسَبِ ما ذَكَرْنَا في العِتْقِ. وهذا قولُ أصْحَابِ الرَّأْىِ. وقولُ الشَّافِعِيِّ هاهُنا كقَوْلِه في العِتْقِ، إلَّا أنَّه إذا قال له: لا يَنْفُذُ الإِحْبَالُ. فإنَّما هو في حَقِّ المُرْتَهِنِ، فأمَّا في حَقِّ الرَّاهِنِ، فهو ثَابِتٌ لا يجوزُ له أن يَهَبَها لِلْمُرْتَهِنِ. ولو حَلَّ الحَقُّ وهى حَامِلٌ، لم يَجُزْ بَيْعُها؛ لأنَّها حَامِلٌ بِحُرٍّ، فإذا وَلَدَتْ، لم يَجُزْ بيْعُها حتى تَسْقِىَ وَلَدَهَا اللِّبَأَ، فإن وَجَدَ من يُرْضِعُه بِيعَتْ، وإلَّا تُرِكَتْ حتى تُرْضِعَه، ثم يُبَاعُ منها بِقَدْرِ الدَّيْنِ خاصَّةً، ويَثبُتُ لِلْبَاقِى حُكْمُ الاسْتِيلَادِ (١)، فإذا مَاتَ


(٥) لا ينحرز: لا يمتنع.
(٦) سقط من: الأصل. وفى م: "فإن شاء جعلها رهنا معه".
(١) في م: "الاستيلاء". هنا وفيما يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>