للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُضْوِ الذي وجبَ قَطْعُه في المُحارَبةِ، مثل إنْ وجبَ عليه القِصاصُ في يَسارِه بعدَ وُجُوبِ قَطْعِ يُمْناه فى المُحارَبةِ، فهل تُقْطَعُ اليَدُ الأُخْرَى للمُحارَبةِ؟ على وَجْهَيْن؛ بِنَاءً على الرِّوايتَيْن في قَطْعِ يُسْرَى السَّارقِ بعدَ قَطْعِ يَمِينِه، إن قُلْنا: تُقْطَعُ ثَمَّ. قُطِعَتْ ههُنا، وإلَّا فلا. وإن سَرَقَ وأخذَ المالَ في المُحارَبةِ، قُطِعَتْ يَدُه اليُمْنَى لأسْبَقِهما، فإن كانت المُحارَبَةُ سابقةً، قُطِعَتْ يدُه اليُمْنَى ورِجْلُه اليُسْرَى في مَقامٍ واحدٍ، وحُسِمَتا. وهل تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْه للسَّرقة؟ على الرِّوايتَيْن؛ فإن قُلْنَا: تُقْطَعُ. انْتُظِرَ بُرْؤُه من القَطْعِ للمُحارَبَةِ؛ لأنَّهما حَدَّانِ. وإن كانتِ السَّرِقةُ سابقةً، قُطِعَتْ يُمناه للسَّرِقةِ، ولا تُقْطَعُ رِجْلُه للمُحارَبةِ حتى تَبْرَأَ يدُه. وهل تُقْطَعُ يُسْرَى يدَيْهِ للمُحارَبة؟ على وَجْهَيْن.

فصل: وإن سرق وقتلَ في المُحاربةِ، ولم يأْخُذِ المالَ، قُتِلَ حَتْما، ولم يُصْلَبْ، ولم تُقْطَعْ يدُه؛ لأَنَّهما حَدَّانِ فيهما قَتْلٌ، فَدَخَلَ ما دونَ القتلِ فيه، ولم يُصْلَبْ؛ لأنَّ الصَّلْبَ من تَمامِ حَدِّ قاطِعِ الطَّريقِ إذا أخذَ المالَ مع القتلِ، ولم يُوجدْ، وهذان حَدَّان، كلُّ واحدٍ منهما مُنْفَصِلٌ عن صاحبِه، فإذا اجْتمَعا تَدَاخَلا وإن قَتَلَ في المُحارَبةِ جماعةً، قُتِلَ بالأوَّلِ حَتْما، وللباقين دِيَاتُ أوليائِهم؛ لأنَّ قَتْلَه اسْتُحِقَّ بقَتْلِ الأوَّلِ، وتحَتَّمَ بحيثُ لا يسْقُطُ، فتعَيَّنَتْ حقوقُ الباقِين في الدِّيَةِ، كما لو مات.

فصل: إذا شَهِدَ عَدْلانِ على رجلٍ أنَّه قطَعَ عليهما الطريقَ وعلى فلانٍ، وأخَذَ متاعَهم، لم تُقْبلْ شَهادتُهما (٤٧)؛ لأنَّهما صارا خَصْمَيْن له بقَطْعِه عليهما. وإن قالا: نَشهدُ أنَّ هذا قَطَعَ الطريقِ على فلانٍ، وأخذَ مَتاعَه. قُبِلَتْ شهادتُهما، ولم يسْأَلْهُما الحاكمُ: هل قَطَعَ عليكما معه أو (٤٨) لا؟ لأنَّه لا يسْألهُما ما لم يَدَّعِ عليهما. وإن عادَ المشهودُ له، فشَهِد عليه أنَّه قطعَ عليهما الطريقَ، وأخذَ متاعَهما (٤٩)، لم تُقْبَلْ شهادتُه؛ لأنَّه صارَ عَدوًّا له بقطْعِه الطريقَ عليه. وإنْ شَهِدَ شاهدان أنَّ هؤلاءِ عَرَضُوا لنا في الطريقِ، وقَطَعُوها على فلانٍ، قُبِلَتْ شهادتُهما؛ لأنَّه لم يثْبُتْ كَوْنُهما خَصْمَيْن بما ذكَرَاه.


(٤٧) في م: "شهادتهم".
(٤٨) في ب، م: "أم"
(٤٩) في الأصل: "متاعهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>