للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمُسْلِمينَ، [وعلي هذا يُحْمَلُ مَنْعُ عمرَ نُفايَةَ بَيْتِ المالِ؛ لما فيه من التَّغْريرِ بالمُسْلِمينَ] (٦)، فإنَّ مُشْتَرِيَها ربَّما خَلَطها بِدراهمَ جَيِّدَةٍ، واشْتَرَى بها ممَّنْ لا يَعْرِفُ حالَها، ولو كانت ممَّا اصْطُلِحَ على إنْفاقِه، لم يكُنْ نُفايَةً. فإن قيل: فقد رُوِىَ عن عمرَ أنَّه قال: من زافَتْ عليه دراهمُه فَلْيَخْرُجْ بها إلى البَقيعِ، فَلْيَشْتَرِ (٧) بها سَحْقَ الثِّيابِ (٨). وهذا دَليلٌ على جَوازِ إنْفاقِ المَغْشوشَةِ التى لم يُصْطَلَحْ عليها. قلنا: قد قال أحمدُ: معنى زافَتْ عليه دراهمُه. أى نُفِيَتْ، ليس أنَّها زُيوفٌ فيَتَعَيَّنُ حَمْلُه على هذا جَمْعًا بين الرِّوَايَتَيْنِ عنه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ ما ظَهَرَ غِشُّه، وبانَ زَيْفُه، بحيث لا يَخْفَى على أحَدٍ، ولا يَحْصُلُ بها تَغْريرٌ. وإن تَعَذَّرَ تَأْوِيلُها، تَعارَضَتِ الرِّوايَتانِ عنه، ويُرْجَعُ إلى ما ذَكَرْنا من المَعْنَى، ولا فَرْقَ بين ما كان غِشُّه ذا بَقاءٍ وثَباتٍ، كالرَّصاصِ، والنُّحاسِ، وما لا ثَباتَ له، كالزِّرْنيخِيَّةِ، والأندَرانِيَّةِ، وهو زِرْنيخٌ ونُورَةٌ يُطْلَى عليه فِضَّةٌ، فإذا دَخَلَ النَّارَ اسْتُهْلِكَ الغِشُّ، وذَهَبَ.

٧١٧ - مسألة؛ قال: (وَمَتَى انْصَرَفَ المُتَصَارِفَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، فلا بَيْعَ بَيْنَهُمَا)

الصَّرْفُ: بَيْعُ الأَثْمانِ بعضِها ببعضٍ. والقَبْضُ فى المَجْلِسِ شَرْطٌ لِصِحَّتِه بغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العِلْمِ على أنَّ المُتَصارِفَيْنِ إذا افْتَرَقا قبلَ أن يَتَقابَضا، أنَّ الصَّرْفَ فاسِدٌ. والأصلُ فيه قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الذَّهَبُ بالوَرِقِ (١) رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ" (٢). وقولُه عليه السَّلامُ: "بِيعُوا الذَّهَبَ بالفِضَّةِ كيف شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" (٣). ونَهَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بَيْعِ الذَّهَبِ


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) فى النسخ: "فليشترى".
(٨) سحق الثياب: الخلق البالى.
(١) من هنا إلى قوله: "بالورق" الآتى سقط من الأصل. نقله نظر.
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٦٣.
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>