للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِسْطِه أو رُبْعِ مَتاعِك. لم يَلْزَمْه إلَّا ما يخُصُّه من الضَّمَانِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه لم يَضْمَنْ إلَّا حِصَّتَه، وإنَّما أخْبَرَ عن الباقِينَ بالضَّمَانِ، فسَكَتُوا، وسُكُوتُهم ليس بضَمانٍ. وإنِ الْتَزَمَ ضَمانَ الجميعِ، وأخبرَ عن كلِّ واحدٍ منهم بمثلِ ذلك، لَزِمَه ضَمانُ الكُلِّ، [لأنَّه ضَمِنَ الكُلَّ] (١٠). وإن قال: ألْقِه على أن أضْمَنَه لك أنا ورُكْبانُ السَّفِينَةِ، فقد أَذِنُوا لي في ذلك. فألْقاه، ثم أنْكَرُوا الإِذْنَ، فهو ضَامِنٌ لجميعِه. وإن قالَ: أُلْقِى مَتَاعِى، وتَضْمَنُه لي؟ فقال: نعم. فألْقاه، ضَمِنَه له. وإن قال: أَلْقِ متاعَك، وعَلَىَّ ضَمانُ نِصْفِه، وعلى أَخِى ضَمَانُ ما بَقِىَ. فألْقاه، فعليه ضَمَانُ النِّصْفِ وحدَه، ولا شىءَ على الآخَرِ؛ لأنَّه لم يَضْمَنْ.

فصل: وإذا خَرَقَ سفينةً، فَغَرِقَتْ بما فيها، وكان عمدًا، وهو ما يُغْرِقُها غالبًا، ويُهْلِكُ مَنْ فيها، لكَوْنِهم في اللُّجَّةِ، أو لعدمِ مَعْرِفَتِهم بالسِّبَاحَةِ، فعليه القِصاصُ إن قُتِلَ مَنْ يجبُ القِصَاصُ بقتلِه، وعليه ضَمَانُ السَّفِينَةِ بما فيها من مالٍ ونَفْسٍ، وإن كان خَطَأً، فعليه ضَمانُ العَبِيدِ، ودِيَةُ الأحْرارِ على عاقِلَتِه. وإن كان عَمْدَ خطإٍ، مثل أن أخَذَ (١١) السَّفِينَةَ ليُصْلِحَ مَوْضِعًا، فَقَلَعَ لَوْحًا، أو يُصْلِحَ مِسْمارًا، فَنَقَبَ مَوْضِعًا، فهذا عَمْدُ الخطإِ. ذكره القاضي، وهو (١٢) مذهبُ الشَّافِعِىُّ. والصَّحِيحُ أنَّ هذا خَطَأٌ مَحْضٌ؛ لأنَّه قَصَدَ فعلًا مُباحًا، فأفْضَى إلى التَّلَفِ لما لم يُرِدْهُ، فأشْبَهَ ما لو رَمَى صَيْدًا، فأصَابَ آدَمِيًّا. ولكن إن قَصَدَ قَلْعَ اللَّوْحِ في موضعٍ الغالِبُ أنَّه لا يُتْلِفُها، فَأَتْلفَها، فهو عَمْدُ الخطإِ، وفيه ما فيه. واللهُ أعلمُ.


(١٠) سقط من: ب، م. نقل نظر.
(١١) في م: "يأخذ".
(١٢) في الأصل: "وهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>