للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا قال السَّيِّدُ لعَبْدِه: إِنْ قُتِلْتُ فأنْتَ حُرٌّ. ثم مَاتَ، فادَّعَى العبدُ أنَّه قُتِلَ، وأنْكَرَ الوَرَثَةُ، فالقَوْلُ قَوْلُهم مع أيْمَانِهم؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ القَتْلِ، فإنْ أقامَ بَيِّنَةً بدَعْوَاه، عَتَقَ، وإِنْ أَقامَ الوَرَثَةُ بَيِّنَةً بمَوْتِه، قُدِّمَتْ بَيِّنةُ العَبْدِ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأنَّها تشهَدُ بزِيَادَةٍ، وهى القَتْلُ. والثَّانِى، تتَعارضَان؛ لأنَّ إحدَاهُما تشْهدُ بضِدِّ ما شَهِدتْ به الأُخْرَى، فيبْقَى على الرِّقِّ. وإِنْ قالَ: إِنْ مِتُّ فى رَمضانَ، فعَبْدِى سالمٌ حُرٌّ، وإِنْ مِتُّ فى شوال فعبدِى غَانِمٌ حُرٌّ. ثم مات، فادَّعَى كُلُّ واحِدٍ منهما مَوْتَه [فى الشَّهْرِ الذى يعْتِقُ بمَوْتِه] (٦٩) فيه، وأنْكَرَهما الوَرَثَةُ، فالقَولُ قوْلُهم مع أيْمانِهم. وإِنْ أَقرُّوا لأحَدِهما، عَتَقَ بإقْرارِهم. وإِنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بمُوجِبِ عِتْقِه، ففيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ، أحدُها، تُقدَّم بَيِّنَةُ سالمٍ؛ لأنَّ معها زِيادةَ عِلْم، فإنَّها أثْبتَتْ ما يجوزُ أَنْ يَخْفَى على الْبَيِّنَةِ الأُخْرَى، وهو مَوْتُه فى رَمضانَ. والثَّانِى، يتَعارَضان، ويَبْقَى العَبْدان على الرِّقِّ؛ لأنَّهما سَقَطا، فصارَا، كمَن لا بَيِّنَةَ لهما. والثَّالِثُ، يُقْرَعُ بينهما، فيَعْتِقُ مَن تقَعُ له القُرْعَةُ، وإِنْ قال: إِنْ بَرِئْتُ من مَرَضِى هذا (٧٠)، فسَالم حُرٌّ، وإِنْ مِتُّ منه، فغانِمٌ حُرٌّ. فمات، وادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ منهما مُوجِبَ عِتْقِه، أُقْرِعَ بينهما، فمَن خرَجَتْ له القُرْعةُ، عَتَقَ؛ لأنَّه لا يَخْلُو من أَنْ يكرنَ بَرَأَ أو لم يَبْرأْ، فيَعْتِقُ أحدُهما على كُلِّ حَالٍ، ولم تُعْلَمْ عينُه فيُخْرَجُ بالقُرْعةِ، كما لو أعْتَقَ أحدَهما، فأشْكَلَ عليْنا. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقدَّمَ قَوْلُ غانمٍ؛ لأنَّ الأصْلَ عدمُ البُرْءِ. وإِنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بمُوجبِ عِتْقِه، فقالَ أصْحابُنا: يتَعَارَضَان، ويبْقى العَبْدَان على الرِّقِّ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدَةٍ منهما تُكَذِّبُ الأُخْرَى، وتُثْبِتُ زِيَادَةً تَنْفِيها الأُخْرَى. ولا يَصِحُّ هذا القَوْلُ؛ لأنَّ التَّعارُضَ أثَرُه فى إِسْقَاطِ البَيِّنَتَيْن، ولو لم يَكُونَا أصْلًا لَعَتَقَ احدُهُما، فكذلك إذا سَقَطًا، وذلك لأنَّه لا يَخْلُو من إحْدَى الحالَتَيْن اللَّتَيْن علَّقَ على كلِّ واحِدَةٍ منهما عِتْقَ أحدِهما، فيَلْزَمُ وجُودُه، كما لو قال: إِنْ كانَ هذا الطائِرُ غُرابًا، فسالِمٌ حرٌّ.، وإِنْ لم يكُنْ غُرابًا فغانمٌ حُرٌّ. ولم يُعْلَمْ حالُه، ولكنْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أَنْ يُقرَعَ بينهما، كما فى مسْألةِ الطائرِ؛ لأنَّ (٧١) البَيِّنَتَيْن إذا تَعارَضَتا


(٦٩) سقط من: أ. نقل نظر.
(٧٠) سقط من: أ.
(٧١) فى أ، ب: "ولأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>